كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 222 """"""
وروى أبو عمر بن عبد البر رحمه الله بسنده إلى محمد بن سيرين ، قال : جاءت امرأة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فقالت إن زوجي يصوم النهار ، ويقوم الليل ، فقال ما تريدين ؟ أتريدين أن أنهاه عن صيام النهار ، وقيام الليل قال ثم رجعت إليه فقالت مثل ذلك ، فأجابها بمثل جوابه ، ثم جاءت الثالثة فقالت له كما قالت ، فأجابها بمثل جوابه . وكان عنده كعب بن سور ، فقال كعب : إنها امرأة تشتكي زوجها .
فقال عمر : أما إذا فطنت لها فاحكم بينهما ، فقام كعب : وجاءت يزوجها فقالت :
ياأيها القاضي الفقيه أرشده . . . ألهى حليلي عن فراشي مسجده زهده في مضجعي وتعبده . . . نهاره وليله ما يرقده
ولست من أمر النساء أحمده . . . فامض القضا يا كعب لا تردده
فقال الزوج :
إنى امرو قد شفني ما قد نزل . . . في سوره النور وفي السبع الطول
وفي كتاب الله تخويف جلل . . . فردها عنى وعن سوء الجدل
فقال كعب :
إن السعيد بالقضاء من فصل . . . ومن قضى بالحق حقاً وعدل
إن لها عليك حقاً يا بعل . . . من أربع واحدة لمن عقل
امض لها ذاك ودع عنك العلل
ثم قال : أيها الرجل إن لك أن تتزوج من النساء مثنى وثلاث ورباع ، فلك ثلاثة أيام ، ولأمرأتك هذا اليوم ، ومن أربع ليال ليلة ، فلا تصل في ليلتها إلا الفريضة . فبعثه عمر قاضياً على البصرة . والله تعالى أعلم .
ذكر القحط وعام الرمادة
وفي هذه السنة أصاب الناس مجاعة شديدة وجدب وقحط ، وهو عام الرمادة ، وكانت الريح تسفي تراباً كالرماد ، فسمى لذلك عام الرمادة ، واشتد الجوع حتى كان

الصفحة 222