كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 224 """"""
والعباس يقول وعيناه تذرفان ، ولحيته تجول على صدره : اللهم أنت الراعي فلا تهمل الضالة ، ولا تدع الكبير بدار مضيعة ؛ فقد ضرع الصغير ، ورق الكبير ، وارتفعت الشكوى ، وأنت تعلم السر وأخفى . اللهم فأغنهم بغناك قبل أن يقنطوا فيهلكوا ؛ فإنه لا يبشر إلا القوم الكافرون . فنشأت طريرة من سحاب ، فقال الناس : ترون ، ترون ثم مشت فيها ريح ، ثم هدرت ودرت ، فوالله ما برحوا حتى اعتلقوا الحذاء ، وقلصوا المآزر ، فطفق الناس بالعباس يمسحون أركانه ، ويقولون : هنيئاً لك ساقي الحرمين فقال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب في ذلك :
بعمي سقي الله الحجاز وأهله . . . عشية يستسقي بشيبته عمر
توجه بالعباس في الجدب راغباً . . . إليه ، فما إن رام حتى أتى المطر
ومنا رسول الله فينا تراثه . . . فهل فوق هذا للمفاخر مفتخر
ذكر طاعون عمواس وتسمية من مات فيه
. وفي هذه السنة كان طاعون عمواس بالشام ، وعمواس قرية بين الرملة وبيت المقدس . وقال ابن عبد البر : وقيل : إن ذلك لقولهم : عم واس . قال الأصمعي . مات فيه خمسة وعشرون ألفاً ، منهم : أبو عبيدة بن الجارح ، وأسمه عامر بن الجراح . وقيل عبد الله بن عامر بن الجراح . قال أبو عمر : والصحيح أن اسمه بن عبد الله ابن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة القرشي الفهري . شهد بدراً وما بعدها من المشاهد كلها مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهاجر الهجرة الثانية إلى أرض الحبشة ، وكان نحيفاً معروف الوجه ، طوالا أجنأ وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، وكان رضي الله عنه من كبار الصحابة وفضلائهم ، وأهل السابقة منهم .
قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : لكل أمة أمين ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح .