كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 228 """"""
وقال المدائني : إنه قتل يوم اليرموك ، في شهر رجب سنة خمس عشرة ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
ومنهم سهيل بن عبد شمس بن عبد ود بن نضر بن مالك بن جبل بن عامر بم لؤي بن غالب القرشي العامري . يكنى أبا يزيد ، وكان أحد الأشراف من قريش وسادتهم ، وهو الذي عاقد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يوم الحديبية و قاضاه كما تقدم .
أسلم يوم الفتح وحسن إسلامه ، وثال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لعمر بن الخطاب في سهيل بن عمرو : " دعه فعسى أن يقوم مقاماً نحمده " ، فكان المقام الذي قامه في الإسلام أنه لما ماج أهل مكة عند وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وارتد ارتد من العرب ، قام سهيل خطيباً فقال : والله إني لأعلم أن هذا الدين سيمتد امتداد الشمس من طلوعها إلى غروبها ، فلا يغرنكم هذا عن أنفسكم ، - يعني أبا سفيان - فإنه يعلم من هذا الأمر ما أعلم ؛ ولكنه قد جثم على صدره بحسد بني هاشم .
وأتى في خطبته بمثل ما جاء به أبو بكر الصديق رضي الله عنه بالمدينة . وروى ابن المبارك عن جرير بن حازم ، قال : سمعت الحسن يقول : حضر الناس باب عمر بن الخطاب ، وفيهم سهيل بن عمرو ، وأبو سفيان بن حرب ، واولئك الشيوخ من قريش ، فخرج آذنه فجعل يأذن لأهل بدر ، لصهيب وبلال : فقال أبو سفيان : ما رأيت كاليوم قط ؛ إنه ليؤذن لهؤلاء العبيد ونحن جلوس لا يلتفت إلينا فقال سهيل : أيها القوم : إنى والله قد أرى الذي في وجوهكم ، فإن كنتم غضاباًَ فاغضبوا على أنفسكم ، دعي القوم ودعيتم ، فأسرعوا وأبطأتم .
أما والله لما سبقوا كم به من الفضل أشد عليكم فوتاً من بابكم هذا الذي تنافسون عليه ، ثم قال : أيها القوم ، إن هؤلاء القوم قد سبقوكم بما ترون ، ولا سبيل إلى ماسبقوكم إليه ، فانظروا هذا الجهاد فالزموه ، عسى أن الله يرزقكم شهادة ثم . نفض ثوبه فقام ولحق بالشام .
وقال المدائني : إنه قتل باليرموك ، والله تعالى أعلم .