كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 229 """"""
ومنهم : عتبة بن سهيل ، وعامر بن غيلان الثقفي ، مات وأبوه حي ، ومات غير هؤلاء ، رحمهم الله تعالى .
ذكر قدوم عمر إلى الشام بعد الطاعون
.
قال : لما هلك الناس بالطاعون ، كتب أمراء الأجناد إلى عمر رضي الله عنه بما في أيديهم من المواريث ، فجمع الناس واستشارهم وقال لهم : قد بدا لبي أن أطوف على المسلمين في بلدانهم ؛ لأنظر في آثارهم ، فأشيروا على ، وكما أراد أن يبدأ بالعراق ، فصرف كعب الأحبار رأيه عن ذلك ، فخرج إلى الشام ، واستخلف على المدينة على بن أبي طالب ، وجعل طريقه على أيله ، فلما دنا منها ركب بعيره وعلى رحلة فرو مقلوب ، وأعطى غلامه مركبه ، فلما تلقاه الناس قالوا : أين أميرا المؤمنين ؟ قال : أمامكم - يعن نفسه - فسارو أمامه ، وانتهى هو إلى أيله فنزلها .
وقيل للمتلقين : قد دخل أمير المؤمنين ، فرجعوا ، وأعطى عمر الأسقف بها قميصه وقد تخرق ظهره ؛ ليغسله ويرقعه ، ففعل وأخذه ولبسه ، وخلط له الأسقف قميصاُ غيره ، فلم يأخذه فلما قدم إلى الشام قسم فيها الأرزاق ، وسمى الشواتي والصوئف ، وسد فروج الشام ومسالحها ، وأخذ يدور بها ، واستعمل عبيد الله بن قيس على السواحل من كل كورة ، واستعمل معاوية على دمشق وخراجها بعد وفاة أخيه يزيد بن أبي سفيان ، وعزل شرحبيل بن حسنة ، وقام بعذره في الناس ، وقال : إني لم أعزله عن سخطة ، ولكني أريد رجلاً أقوى من رجل ، وكان شرحبيل على خيل الأردن ، فضم ذلك إلى معاوية .
قال : ولما قدم عمر رضي الله عنه تلقاه معاوية في موكب عظيم ، فلما رآه عمر قال : هذا كسرى العرب ، فلما دنا منها قال : أنت صاحب الموكب العظيم قال : نعم ، يا أمير المؤمنين ، قال : مع ما بلغني من وقوف ذي الحاجات ببابك قال : مع ما يبلغك م ذلك ، قال : ولم تفعل هذا ؟ قال : نحن بأرض ، جواسيس العدو بها كثيرة ، فيجب أن نظهر من عز السلطان ما يرهبهم ، فإن أمرتني فعلن ، وإن نهيتني أنتهيت . فقال عمر : يا معاوية ، ما اسألك عن شيء ألا تركتني في مثل

الصفحة 229