كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 231 """"""
سنة عشرين من الهجرة
: في هذه السنة عزل عمر رضي الله عنه قدامة بن مظعون عن البحرين ، وولى عثمان بن أبي العاص .
وقيل : بل استعمل أبا هريرة على البحرين ، واليمامة ، وقيل : استعمل أبا بكرة على البحرين واليمامة .
وكان سبب عزل قدامة ، أن الجارود بن المعلى سيد عبد القيس قدم على عمر من البحرين ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن قدامة شرب فسكر ، وإني رأيت حداً من حدود لله حقاً على أن أرفعه إليك فقال عمر : من يشهد معك ؟ فقال : أبو هريرة ، فدعا أبا هريرة فقال بم تشهد ؟ قال : لم أره يشرب ، ولكن رأيته سكران يقئ . فقال عمر : لقد تنطعت في الشهادة .
ثم كتب إلى قدامة أن يقدم عليه من البحرين ، فقدم ، فقال الجارود : أقم على هذا حد الله فقل عمر : ما أراك إلا خصماً ، وما شهد أحد بعد إلا رجلاً واحداً .
فقال الجارود : إني أنشدك الله فقال عمر : لتمسكن عني لسانك وإلا سؤتك . فقال : يا عمر ، أما والله ماذاك بالحق أن يشرب ابن عمك الخمر وتسوءني ثم قال : ياعمر : ، إن كنت تشك في شهادتنا فأرسل إلى ابنة الوليد فسلها ، وهي امرأة قدامة . فأرسل عمر إلى هند ابنة الوليد ينشدها ، فأقامت الشهادة على زوجها ، فقال عمر لقدامة : إني حادك ، فقال : لو شربت كما يقولون ما كان لكم أن تجدوني ، فقال عمر : لم ؟ قال قدامة : قال الله عز وجل : " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا " .
فقال عمر : أخطأت التأويل ، إنك إذا اتقيت الله اجتنبت ما حرمه عليك ، ثم أقبل عمر على الناس فقال : ما ترون في جلد قدامة ؟ فقالوا : ما نرى أن تجلده ما كان مريضاً ، فسكت على ذلك أياما ، ثم أصبح يوماً قد عزم على جلده ، فقال لأصحابه : ما ترون في جلد قدامة ؟ فقالوا : ما نرى أ ، تجلده ما كان وجعاً ، فقال عمر : لأن يلقى الله تحت السياط أحب إلى من أن ألقاه وهو في عنقي . ائتوني بسوط تام ، وأمر

الصفحة 231