كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 236 """"""
فقال عمر : قد أوعدني العلج الآن ، ثم انصرف عمر إلى منزله . فلما كان من الغد جاء كعب الأحبار إلى عمر ، فقال : يا أمير المؤمنين أعهد فإنك ميت في ثلاث ، قال : وما يدريك ؟ قال : أجده في كتاب التوراة ، قال عمر : إنك لتجد عمر بن الخطاب في التوراة ؟ قال : اللهم لا ؛ ولكني أجد صفتك وحليتك . قال : وعمر لا يجد وجعاً ، ثم جاءه من الغد وقال : بقي يومان ، ثم جاءه من غد الغد وقال : قد مضى يومان ، وقد بقي يوم .
فلما أصبح خرج عمر إلى الصلاة ، وكان يوكل بالصفوف رجلاً ، فإذا استوت كبر ، ودخل أبو لؤلؤة في الناس ، وفي يده خنجر له رأسان ، نصابه في وسطه ، فضرب عمر ست ضربات ، إحداهن تحت سرته ، وهي التي قتلته ، قتل معه كليب بن بكير الليثي وجماعة غيره . روى أنه طعن معه اثنا عشر رجلاً ، وقيل : ثلاثة عشر مات منهم ستة ، فلما وجد عمر حر السلاح سقط ، وأمر عبد الرحمن بن عوف فصلى بالناس وهو طريح ، فاحتمل ، فأدخل بيته ودعا عبد الرحمن ، فقال : إنى أريد أن أعهد إليك ، قال : أتشير علي بذلك ؟ قال : عمر اللهم لا ، فقال : والله لا أدخل فيه أبداً قال : فهبني صمتاً ؛ حتى أعهد إلى النفر الذين توفي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهو عنه راض ، ثم دعا علياً ، وعثمان ، والزبير وسعداً ، وقال : انتظروا أخاكم طلحة ثلاثاً ، فإن جاء وإلا فاقضوا أمركم .
أنشدك الله ياعلي ، إن وليت من أمور الناس شيئاً على ألا تحمل بني هاشم على رقاب الناس .
أنشدك الله يا عثمان ، إن وليت من أمور الناس شيئاً ألا تحمل بني أبي معيط على رقاب الناس .
أنشدك الله يا عثمان ، إن وليت من أمور الناس شيئاً ألا تحمل أقاربك على رقاب الناس .
قوموا فتشاوروا ، ثم أقضوا أمركم ، وليصل بالناس صهيب ، ثم دعا أبا طلحة الأنصاري فقال : قم على بابهم فلا تدع أحدا يدخل إليهم ، وأوص الخليفة من بعدي بالأنصار الذين تبوءوا الدار والإيمان ، أن يحسن إلى محسنهم ، وأن يعفو عن مسيئهم ، وأوص الخليفة بالعرب ؛ فإنهم مادة الإسلام ، أن تؤخذ من صدقاتهم حقها ، فتوضع في فقرائهم ، وأوص الخليفة بذمة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن يوفي لهم بعهدهم .

الصفحة 236