كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 237 """"""
اللهم هل بلغت لقد تركت الخليفة من بعدي على أنقى من الراحة ، ثم قال لأبنه عبد الله : أنظرمن قتلني ؟ فقال : قتلك أبو لؤلؤة ، فقال : الحمد لله الذي لم يجعل منيتي على يد رجل سجد لله سجدة واحدة ، وأرسل عبد الله ابنه إلى عائشة ، فاستأذنها أن يدفن مع النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وأبي بكر رضي الله عنه ، ثم قال : يا عبد الله ، إن اختلف القوم فكن مع الأكثر ، فإن تساووا فكن مع الحزب الذي فيه عبد الرحمن بن عوف .
يا عبد الله ، ائذن للناس ، فدخل عليه المهاجرون والأنصار ، فجعلوا يسلمون عليه ، فيقول لهم : هذا عن ملأ منكم ؟ فيقولون : معاذ الله ودخل كعب الأحبار مع الناس ، فلما رآه عمر رضي الله تعالى عنه قال :
وأوعدني كعب ثلاثاً أعدها . . . ولا شك أن القول ما قاله كعب
ومابي حذار الموت إني لميت . . . ولكن حذار الذنب يتبعه الذنب
قال : ولما طعن أبو لؤلؤة عمر ، ومنطكعن معه ، رمي عليه رجل من أهل العراق برنساٌ ، ثم نزل عليه ، فلما رأى أنه لا يستطيع أن يتحرك ، وجأ نفسه فقتلها .
قال أبو عمر بن عبد البر : ومن أحسن شيء يروي في مقتل عمر وأصحه ما رواه بسنده إلى عمرو بن ميمون ، قال : شهدت عمر يوم طعن ومات ، وما منعني أن أكون في الصف المقدم إلا هيبته - وكان رجلاً مهيباً - فكنت في الصف الذي يليه ، فأقبل عمر ، فعرض له أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة ، ففاجأ عمر قبل أن تستوي الصفوف ، ثم طعنه ثلاث طعنات ، فسمعت عمر وهو يقول : دونكم الكلب فإنه قد قتلني ، وماج الناس وأسرعوا إليه ، فجرح ثلاثة عشر رجلاً ، فانكفأ عليه رجل من خلفه فأحتضنه ، وحمل عمر ، فماج الناس بعضهم في بعض حتى قال قائل : الصلاة يا عباد الله ، طلعت الشمس .
فقدموا عبد الرحمن بن عوف فصلى بنا بأقصر سورتين في القرآن ، " إذا جاء نصر الله والفتح " " و إنا أعطيناك الكوثر " ، واحتمل عمر ، ودخل الناس عليه ، فقال : يا عبد الله بن عباس ، أخرج فناد في الناس : أعن ملأ منكم هذا ؟ فقالوا : معاذ الله والله ما علمنا ولا أطلعنا . وقال : أدعوا