كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 238 """"""
إلى الطبيب فدعى الطبيب فقال : أي الشراب أحب إليك ؟ فقال : النبيذ فسقي نبيذا فخرج من بعض طعناته ، فقال الناس : هذا دم ، هذا صديد ، فقال : اسقوني لبناً ، فسقى لبناً ، فخرج من الطعنة ، فقال له الطبيب : لا أرى أن تمسي ، فما كنت فاعلاً فافعل .
وروى أبو عمر أيضاً بسنده إلى عوف بن عوف بن مالك الأشجعي : أنه رأى في المنام ، كأن الناس جمعوا ، فإذا فيهم رجل فرعهم فهو فوقهم بثلاثة أذرع .
قال : فقلت : من هذا ؟ فقالوا : عمر . قلت : ولم ؟ قالوا : لأن فيه ثلاث خصال ، لأنه لا يخاف في الله لومة لائم ، وأنه خليفة مستخلف ، وأنه شهيد مستشهد .
قال : فأتى أبو بكر فقصها عليه ، فأرسل إلى عمر فدعاه ليبشره ، فجاء عمر فقال لي أبو بكرك اقصص ، قال ك فلم بلغت خليفة مستخلفن درني عمر وانتهرني ، وقال : اسكت ، تقول هذا وهو حي قال : فلما كان هذا بعد ، وولى عمر ، مررت بالمسجد وهو على المنبر ، فدعاني وقال : اقصص علي روياك ، فقصصتها ، فلما قلت : إنه لا يخاف في الله لومة لائم قال : إني لأرجو أن يجعلني الله منهم ، قال : فلما قلت : " خليفة مستخلف " قال : قد استخلفني الله ، وأسأله أن يعينني على ما ولاني ، فلما أن ذكرت : " شهيد مستشهد " ، قال : أني لي بالشهادة وأنا بين أظهركم تغزون ولا أغزو ثم قال : بلى يأتي الله بها إن شاء ، يأتي الله بها إن شاء .
وقد روي معمر عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهم : أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) رأى على عمر قميصاً أبيض ، فقال : أجديد قميصك هذا ، أم غسيل ؟ قال : بل غسيل قال : " ألبس جديداً ، وعش حميداً ، مت شهيداً ، ويرزقك الله قرة عين في الدنيا والآخرة " ، قال : وإياك يا رسول الله .
وروى عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : ناحت الجن على عمر قبل أن يقتل بثلاث ، فقالت :
أبعد قتيل بالمدينة أظلمت . . . له الأرض تهتز العضاة بأسوق
جزي الله خيراً من إمام وباركت . . . يد الله في ذاك الأديم الممزق