كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 240 """"""
فقال العباس لعلي : لا تدخل معهم ، إني أكره الخلاف ، قال : إذن ترى ما تكره ، فلما أصبح عمر دعا علياً ، وعثمان ، وسعداً ، وعبد الرحمن ، والزبير ، فقال : إني نظرت فوجدتكم رؤساء الناس وقادتهم ، ولا يكون هذا الأمر إلا فيكم ، وقد قبض رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهو عنكم راض . إني لا أخاف الناس عليكم إن استقمتم ؛ ولكني أخافكم فيما بينكم ، فيختلف الناس ، فانهضوا إلى حجرة عائشة بإذنها ، فتشاوروا فيها . ووضع رأسه وقد نزفه الدم ، فدخلوا فتناجوا ؛ حتى ارتفعت أصواتهم .
فقال عبد الله بن عمر : سبحان الله إن أمير المؤمنين لم يمت بعد ، فسمعه عمرك فانتبه ، وقال : أعرضوا عن هذا ، فإذا أنا مت فتشاوروا ثلاثة أيام ، وليصل بالناس صهيب ، ولا يأتين اليوم الرابع إلا وعليكم أمير منكم ، ويحضر عبد الله بن عمر مشيراً ، ولا شيء له من الأمر ، وطلحة شريككم في الأمر ، فإن قدم في الأيام الثلاثة فأحضروه ، وإن مضت الأيام الثلاثة قبل قدومه فامضوا لأمركم . ومن لي بطلحةظ فقال سعد بن أبي وقاص : أنا لك به ، ولا يخالف إن شاء الله تعالى .
فقال عمر رضي الله عنه : أرجوا ألا يخالف إن شاء الله ، وما أظن أن يلي هذا الأمر إلا أحد هذين الرجلين : علي أو عثمان . فإن ولي عثمان ، فرجل فيه لين ، وإن ولي علي ففيه دعابة وأحر به أن يحملهم على الحق ، وإن تولوا سعداً فأهلها هو وإلا فليستعن به الوالي ، فإني لم أعزله عن ضعف ولا جناية ، ونعم ذو الرأي عبد الرحمن بن عوف فاسمعوا منه .
وقال لأبي طلحة الأنصاري : يا أبا طلحة ، إن الله تعالى طالما أعز بكم الإسلام ، فاختر خمسين رجلاً من الأنصا ، فاستحث هؤلاء الرهط حتى يختاروا رجلاً منهم .
وقال للمقداد بن الأسود : إذا وضعتموني في حفرتي ، فاجمع هؤلاء الرهط في بيت حتى يختاروا رجلاً .
وقال لصهيب : صل بالناس ثلاثة أيام ، وأدخل هؤلاء الرهط . بيتاً ، وقم على رؤوسهم ، فإن اجتمع خمسة وأبي واحد فأشدخ رأسه بالسيف ، وإن أنفق أربعة وأبى اثنان فاضرب رؤوسهما ، وإن رضي اثنان رجلاً ، واثنان رجلاً ، فحكموا عبد الله بن عمر ، فإن لم ترضوا بحكمة فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف واقتلوا