كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 241 """"""
الباقين إن رغبوا عما اجتمع فيه الناس ، فخرجوا ، فقال علي لقوم معه من بني هاشم : إن أطع فيكم قومكم لم تؤمروا أبداً ، وتلقاه عمه العباس فقال : عدلت عنا ، قال : وما علمك ؟ قال : قرن بي عثمان ، وقال : كونوا مع الأكثر ، فإن رضي رجلان رجلاً ، ورجلان رجلاً فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن ، فسعد لا يخالف ابن عمه ، وعبد الرحمن صهر عثمان لا يختلفان فيوليها أحدهما الآخر ، فلو كان الآخران معي لم ينفعاني .
فقال له العباس : لم أدفعك في شيء إلا رجعت إلى مستأخراً لما أكره ، أشرت عليك عند وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أن تسأله فيمن هذا الأمر ، فأبيت ، وأشرت عليك بعد وفاته أن تعاجل الأمر فأبيت ، وأشرت عليك حين سماك عمر في الشورى ألا تدخل معهم فأبيت .
احفظ عني واحدة ، كلما عرض عليك القوم ، فقل : لا ، إلا أن يولوك ، واحذر هؤلاء الرهط ؛ فإنهم لا يبرحون يدفعوننا عن هذا حتى يقوم به لنا غيرنا . وآيم الله لا تناله إلا بشر لا ينفع معه خير .
فلما مات عمر ودفن ، جمع المقداد أهل الشورى في بيت المسور ابن مخرمة ، وقيل : في بيت المال . وقيل : في حجرة عائشة بإذنها ، وطلحة غائب ، وأمروا أبا طلحة أن يحجبهم .
وجاء عمر بن العاص والمغيرة بن شعبة فجلسا بالباب ، فحصبهما سعد وأقامهما ، وقال : تريدان أن تقولا مضنا وكنا في أهل الشورى فتنافس القوم في الأمر وكثر بينهم الكلام ، فقال أبو طلحة : أنا كنت لأن تدفعوها أخوف مني لأن تنافسوها ، لا والذي ذهب بنفس عمر لا أزيدكم عل الأيام الثلاثة التي أمر ، ثم أجلس في بيتي فأنظر ما تصنعون .
فقال عبد الرحمن : أيكم يخرج منها نفسه ويتقلدها على أن نوليها أفضلكم ، فلم يجبه أحد ، فقال : أنا أنخلع منها .
قال عثمان : أنا أول من رضي ، قال : القوم : قد رضينا ، وعلي ساكت ، فقال : ما تقول أبا الحسن ؟ قال : أعطني وثقاً لتؤثرن الحق ولا تتبع الهوى ، ولا تخص ذا رحم لرحمه ، ولا تألوا الأمة ، فقال : أعطوني مواثقكم على أن تكونوا معي على من بدل وغير ، وأن ترضوا من اخترت لكم ، وعلى ميثاق الله ألا أخص ذا رحم لرحمه ولا آلو المسلمين قال : فأخذ منهم ميثاقاً ، وأعطاهم مثله .