كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 243 """"""
فشتم عمار بن أبي سرح ، وقال : متى كنت تنصح المسلمين فتكلم بنو هاشم وبنو أمية ، فقال عمار : أيها الناس ، إن الله أكرمنا بنبيه ، وأعزنا بدينه ، فأنى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم فقال رجل من بني مخزوم : لقد عدوت طورك يابن سمية ، وما أنت وتأمير قريش لأنفسها فقال سعد بن أبي وقاص : يا عبد الرحمن ، أفرغ قبل أن يفتن الناس ، فقال عبد الرحمن : إنى قد نظرت وشاورت ، فلا تجعلن فيها أيها الرهط على أنفسكم سبيلاً ، ودعا علياً ، فقال : عليك عهد الله وميثاقه ، لتعملن بكتاب الله وسنة رسوله ، وسيرة الخليفتين من بعده ؟ فقال : أرجو أن أفعل ، فأعمل بمبلغ علمي وطاقتي .
ودعا عثمان فقال له مثل ما قال لعلي ، فقال : نعم ، فرفع رأسه إلى سقف المسجد ويده في يد عثمان ، فقال : اللهم اسمع واشهد ، اللهم إني قد جعلت ما في رقبتي من ذاك في رقبة عثمان ، فبايعه .
وقيل : وخرج عبد الرحمن بن عوف وعليه عمامته التي عممه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) متقلداً سيفه ؛ حتى ركب المنبر .
فوقف وقوفا طويلاً ، ثم دعا دعاء لا يسمعه الناس ، ثم تكلم فقال : أيها الناس ، إنى قد سألتكم سراً وجهراً عن إمامكم ، فلم أجدكم تعدلون بأحد هذين الرجلين : إما علي ، وإما عثمان .
فقم إلى يا علي ، فقام إليه فوقف تحت المنبر ، وأخذ عبد الرحمن بيده فقال : هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ، وفعل أبي بكر وعمر ؟ قال : اللهم لا ، ولكن على جهدي من ذاك وطاقتي .
قال : فأرسل يده ثم نادي : قم إلى يا عثمان ، فأخذ بيده ، وهو في موقف على الذي كان فيه ، فقال : هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه وفعل أبي بكر وعمر ؟ فقال : اللهم نعم ، قال : فرفع رأسه إلى سقف المسجد ويده في يد عثمان ، فقال : اللهم اسمع واشهد ثلاثاً ، اللهم إني قد جعلت ما في رقبتي من ذلك في رقبة عثمان ، قال : فازدحم الناس يبايعون عثمان حتى غشوه عند المنبر ، فقعد عبد الرحمن مقعد النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من المنبر ، وأقعد عثمان على الدرجة الثانية ، فجعل الناس يبايعونه ، وتلكأ علي .