كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 245 """"""
قال : لما دفن رضي الله عنه جمعهم عبد الرحمن وخطبهم ، وأمرهم بالاجتماع وترك التفرق .
فتكلم عثمان رضي الله عنه ، فقال : الحمد لله الذي اتخذ محمداً نبياً وبعثه رسولاً وصدقه وعده ، ووهب له نصره على كل من بعد نسيا ، أو قرب رحما ، صلى الله عليه ، وجعلنا الله تابعين وبأمره مهتدين ، فهو لنا نور ونحن بأمره نقوم ، عند تفرق الأهواء ، ومجادلة الأعداء ، جعلنا الله بفضله أئمة ، وبطاعته أمراء ، لا يخرج أمرنا منا ، ولا يدخل علينا غيرنا إلا من سفه الحق ، ونكل عن القصد ، وأحر بها يابن عوف أن تترك ، وأجدربها أن تكون إن خولف أمرك ، وترك دعاؤك ، فأنا مجيب وداع إليك ، وكفيل بما أقول زعيم ، واستغفر الله لي ولكم .
ثم تكلم الزبير بعده ، فقال : أما بعد ، فإن داعي الله لا يجهل ومجيبه لا يخذل ، عند تفرق الأهواء ، ولي الأعناق ، ولن يقصر عما قلت إلا غوي ، ولن يترك ما دعوت غليه وإلا شقي ، ولولا حدود لله فرضتن وفرائض لله حدت ، تراح على أهلها ، وتحيا لا تموت ؛ لكان الموت من الإمارة نجاه ، والفرار من الولاية 2 صمة ، ولكن لله علينا إجابة الدعوة ، و إظهار السنة ، لئلا نموت موتة عمية ، ولا نعمي عمي جاهلية ، فأنا مجيبك إلى مادعوت ، ومعينك على ماأمرت ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، واستغفر الله لي ولكم .
ثم تكلم سعد فقال . الحمد لله بديئاً ، بمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) أنارت الطرق ، واستقامت السبل ، وظهر الحق ، ومات كل باطل ، إياكم أيها النفر وقول الزور ، وأمنية أهل الغرور ؟ فقد سلبت الأماني قوما قبلكم ، ورثوا ما ورثتم ، ونالوا ما نلتم ، فاتخذوا الله عدوا ، ولعنهم لعناً كثيراً ، قال ، قال الله تعالى : " لعن الذين كفروا من بني إسرائيل . . . " .
إلى قوله : " لبئس ما كانوا يفعلون . " إني نكبت قرني وأخذت سهمي الفالج ، وأخذت لطلحة بن ابن عبيد الله ما ارتضيت لنفسي ، فأنا كفيل به ، وبما أعطيت عنه زعيم ، والأمر إليك يا بن عوف ، بجهد النفس ، وقصد النصح ، وعلى الله قصد السبيل وإليه الرجوع ، واستغفر الله لي ولكم ، وأعوذ بالله في مخالفتكم .

الصفحة 245