كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 246 """"""
ثم تكلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فقال : الحمد لله الذي بعث محمداً منا نبياً ، وبعثه إلينا رسولاً ، فنحن بيت النبوة ، ومعدن الحكمة ، وأمان أهل الأرض ، ونجاة لمن طلب ؛ لنا حق إن نعطه نأخذه ، وإن نمنعه نركب أعجاز الإبل ، ولو طال السري . لو عهد إلينا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عهداً لأنفذنا عهده ، ولو قال لنا قولاً لجادلنا عليه حتى نموت ، لن يسرع أحد قبلي إلى دعوة حق ، وصلة رحم ، ولا قوة وإلا بالله .
اسمعوا كلامي ، وعوا منطقي ، عسى أن تروا هذا الأمر بعد هذا المجتمع تنتضي فيه سيوف ، وتخان في العهود ، حتى تكونوا جماعة ، ويكون بعضكم أئمة لأهل الضلالة ، وشيعة لأهل الجهالة .
ثم قال :
فإن تك جاسم هلكت فإني . . . بما فعلت بنو عبد بن ضخم
مطيع في الهواجر كل عي . . . بصير بالنوى من كل نجم
فقال عبد الرحمن : أيكم يطيب نفساً أن يخرج نفسه من هذا الأمر ، ويوليه غيره ؟ قال : فأمسكوا عنه . وذكر نحو ماتقدم .
فلنرجع إلى بقية أخبار عمر رضي الله عنه .
قال : ومات عمر لأربع بقين من ذي الحجة ، قاله الواقدي . وقال غيره : يوم الأثنين الميلتين بقيتا منه ، وقيل : طعن يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة ، سنة ثلاث وعشرين ، ودفن يوم الأحد هلال المحرم ، سنة أربع وعشرين في حجرة عائشة رضي الله عنها ، ورأسه قبالة كتفي أبي بكر رضي الله عنهما ، وصلى عليه صهيب الرومي . والله سبحان وتعالى اعلم بالصواب .