كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 25 """"""
وروى عن سعيد بن المسيّب ، قال : لما قبض رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ارتجت مكة فسمع أبو قحافة فقالوا ما هذا فقالوا قبض رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قالوا : أمر جلل ، فمن ولى بعده ؟ قالوا : ابنك ، قال : فهل رضيت بذلك بنو عبد مناف وبنو المغيرة ؟ قالوا : نعم . قال : لا مانع لما أعطى الله ، ولا معطى لما منع الله . والله تعالى أعلم ، والحمد لله وحده ، وحسبنا الله ونعم الوكيل .
ذكر ما تكلم به أبو بكر الصديق بعد بيعته وما قاله عمر بن الخطاب بعد البيعة الأولى وقبل البيعة الثانية العامة
روى أنسى بن مالك ، قال : لما بويع أبو بكر رضى الله عنه في السّقيفة ، وكان الغد ، جلس أبو بكر على المنبر ، فقام عمر فتكلّم قبل أبى بكر ، فحمد الله ، وأثنى عليه بما هو أهله ، وقال : أيها الناس ، إنّى قد كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت إلاّ عن رأيى ، وما وجدتها في كتاب الله ، ولا كانت عهدا عهده إلينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، ولكن قد كنت أرى أنّ رسول الله صلّى الله صلّى الله عليه وسلّم سيدبّر أمرنا حتى يكون آخرنا ، وإنّ الله قد أبقى فيكم كتابه الّذى هدى به رسوله ، فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه له ، وإنّ الله قد جمع أمركم على خيركم ، صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وثانى اثنين إذهما في الغار ؛ فقوموا فبايعوا . فبايع الناس أبا بكر بيعة العامّة بعد بيعة السقيفة .
ثم تكلّم أبو بكر ، فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو أهله ، ثم قال : أمّا بعد ؛ أيها النّاس ، فإنّي قد ولّيت عليكم ، ولست بخيركم ، فإن أحسنت فأعينوني ، وإن أسأت فقوموني ، الصدق أمانة ، والكذب خيانة ، والضّعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله ، والقوي منكم الضعيف عندي ، حتى آخذ الحق منه إن شاء الله . لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله ، فإنّه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذلّ ، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمّهم الله بالبلاء .
أطيعوني ما أطعت الله ورسوله ، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم ؛ قوموا إلى صلاتكم ، يرحمكم الله .

الصفحة 25