كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 250 """"""
وعبيد الله بن عمر ولد على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ولم ينقل أنه روى عنه ، ولاسمع منه ، وهو الذي حده عمر في شرب الخمر ، وهو الذي وثب على الهرمزان فقتله ، وقتل معه نصرانياً اسمه جفينة من أهل الحيرة ، وقد اتهمهما أنهما أغريا أبا لؤلؤة بقتل عمر . وقتل أيضا ابنة لأبي لؤلؤة طفلة ، ولما ضرب الهرمزان بالسيف قال : لا إله إلا الله ، فلما قتل هؤلاء أخذه سعد بن أبي وقاص وحبسه في داره ، وأحضره عند عثمان . وكان عبيد الله يقول : والله لأقتل : رجالاً ممن شرك في دم أبي ، يعرض بالمهاجرين والأنصار .
قالوا : وإنما قتل هؤلاء ، لأن عبد الرحمن أبي بكر قال غداة قتل عمر : رأيت عشية أمس الهرمزان ، وأبا لؤلؤة ، وجفينة ، وهم يتناجون ، فلما رأوني ثاروا ، وسقط منهم خنجر له رأسان ، نصابه في وسطه ، وهو الخنجر الذي ضرب به عمر ، فقتلهم عبيد الله . فلما أحضره عثمان قال : أشيروا على في هذا الذي فتق في الإسلام ما فتق ، فقال علي : أرى أن تقتله . فقال بعض المهاجرين : قتل عمر أمس ، ونقتل ابنه اليوم فقال عمرو بن العاص : إن الله قد أعفاك أن يكون لك هذا الحدث ، ولك على المسلمين سلطان . فقال عثمان : أنا وليه ، وقد جعلها دية ، واحتلتها في مالي .
وقيل في فداء عبيد الله غير ذلك .
قال القماذيان بن الهرمزان : كانت العجم بالمدينة يستروح بعضها إلى بعض ، فمر فيروز بأبي ، ومعه خنجر له رأسان ، فتناوله منه ، وقال له : ما تصنع به ؟ قال : أسن به ، فرآه رجل ، فلما أصيب عمر قال : رأيت الهرمزان دفعه إلى فيروز ، فأقبل عبيد الله فقتله .
فلما ولي عثمان أمكنني منه ، فخرجت به وما في الأرض أحد إلا معي ، وإلا أنهم يطلبون إلى فيه ، فقلت لهم : ألي قتله ؟ قالوا : نعم ، وسبوا عبيد الله ، قلت : أفلكم منعه ؟ قالوا : لا وسبوه ، فتركته لله ولهم ، فحملوني ، فوالله ما بلغت المنزل إلا على رؤوس الناس .
والأول أصح وأشهر ؛ لأعلياً لما ولي الخلافة أراد قتل عبيد الله ، فهرب منه إلى معاوية بالشام ، ولو كان إطلاقه بأمر ولي الدم لم يعرض له علي رضي الله عنه .

الصفحة 250