كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 256 """"""
وكان أول كتاب كتبه إلى عماله : أما بعد ؛ فإن الله تعالى أمر الأئمة أن يكونوا رعاة ، ولم يتقدم إليهم أن يكونوا جباة ، وأن صدر هذه الأمة خلقوا رعاة ، ولم يخلقوا جباة ، وليوشكن أئمتكم أن يصيروا جباة ، ولا يكونوا رعاة ؛ فإذا عادوا كذلك انقطع الحياء والأمانة والوفاء .
ألا وإن أعدل السيرة أن تنظروا في أمور المسلمين فيما عليهم فتعطوهم مالهم ، وتأخذوهم بما عليهم ، ثم تثنوا بالذمة فتعطوهم الذي لهم ، وتأخذوهم بالذي عليهم ، ثم العدة الذي تنتابون ، فاستفتحوا عليهم بالوفاء .
كان أول كتاب كتبه إلى أمراء الأجناد في الفروج : أما بعد ، فإنكم حماة المسلمين وذادتهم ، وقد وضع لكم عمر رضي الله عنه ما لم يغب عنا ، بل كان عن ملأ منا ، ويستبدل بكم غيركم . فانظروا كيف تكونون ، فإنى أنظر فيما ألزمني الله النظر فيه والقيام عليه .
ذكر الفتوحات والغزوات في خلافة عثمان
ذكر خلاف أهل الاسكندرية
وفي سنة خمس وعشرين نقض أهل الاسكندرية الصلح ؛ وذلك أن الروم حضروا إليهم من القسطنطينية ، ونفذ منهم منويل الخصى ، واتفقوا مع من بها من الروم ، ولم يوافقهم المقوقس ، وثبت على صلحه ، فثبت لذلك .
وسار عمرو بن العاص إليهم ، وسار إليه الروم ، واقتتلوا أشد قتال ، فانهزم الروم وتبعهم المسلمون إلى أن أدخلوهم الإسكندرية ، وقتلوا منهم في البلدة مقتلة عظيمة ، وقتل منويل الخصى .
وكان الروم لما خرجوا من الإسكندرية أخذوا أموال أهل تلك القرى ، من وافقهم ومن خالفهم ، فلما ظفر بهم المسلمون جاء أهل القرى الذين خالفوهم فقالوا لعمرو بن العاص : إن الروم أخذوا اموالنا ودوابنا ، ولم نخالف نحن عليكم ، وكنا على الطاعة ، فردع عليهم ما غرموا من أموالهم بعد إقامة البينة .
وهدم عمرو سور الإسكندرية

الصفحة 256