كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 257 """"""
ذكر غزو أرمينية وغيرها وما وقع من الصلح
.
كان عثمان رضي الله عنه قد استعمل سعد بن أبي وقاص على الكوفة ، ثم عزله ، واستعمل الوليد بن عقبة بن أبي معيط - وهو أخو عثمان لأمه - فعزل الوليد عتبة بن فرقد عن أذربيجان ، فنقضوا العهد فغزاهم الوليد في سنة خمس وعشرين ، وجعل على مقدمته ابن شبيل الأحمسي ، وأغار على أهل موقان وما جاورها ، ففتح وغنم وسبى ، وطلب أهل كور أذربيجان الصلح ، فصالحهم على صلح حذيفة ، وهو ثمانمائة ألف درهم ، فقبض المال ثم بث سراياه ، وبعث سلمان بن ربيعة و الباهلي إلى أهل أرمينية في أثني عشر ألفً فقتل وسبى وغنم ، ثم انصرف وقد ملأ يده حتى أتى الوليد .
وعاد الوليد وجعل طريق إلى الموصل ، ثم أتى الحديثة .
قال : ولما نزل الوليد بن عقبة الحديثة ، أتاه كتاب عثمان رضي الله عنه يقول : إن معاوية كتب إلى أن الروم قد أجلبت على المسلمين في جموع كثيرة ، وقد رأيت أن يمدهم أخوانهم من أهل الكوفة . فابعث إليهم رجلاً له نجدة وبأس في ثمانية آلاف ، أو تسعة آلاف ، أو عشرة آلاف من المكان الذي يأتيك كتابي فيه ، والسلام .
فقام الوليد في الناس ، وأعلمهم الحال ، وندبهم مع سلمان ابن ربيعة الباهلي ، فانتدب معه ثمانية آلاف ، فمضوا حتى دخلوا مع أهل الشام إلى أرض الروم ، فشنوا الغارات ، فأصاب الناس ما شاءوا ، وافتتحوا حصونا كثيرة .
وقيل : إن الذي أمد حبيب بن مسلمة بسلمان بن ربيعة ، كان سعيد بن العاص لما كان على الكوفة ؛ وكان سبب ذلك أن عثمان كتب إلى معاوية يأمره أن يغزى حبيب بن مسلمة في أهل الشام أرمينية ، فوجهه إليها ، فأتى قاليقلا فحصرها ، وضيق على من كان بها ، فطلبوا الأمان على الجلاء أو الجزية ، فجلا كثير منهم ، فلحقوا ببلاد الروم ، وأقام حبيب بها فيمن معه أشهراً ، ثم بلغه أن بطريق أرمنياقس - وهي ملطية ، وسيواس وقونية ، وما ولاها من البلاد إلى خليج القسطنطينية - واسمه الموريان ، قد توجه نحوه في ثمانين ألفاًُ من الروم . فكتب إلى معاوية بذلك ، فكتب