كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 274 """"""
ذكر الزيادة في مسجد النبي ( صلى الله عليه وسلم )
وفي سنة تسع وعشرين أيضاً في شهر ربيع الأول ، زاد عثمان رضي الله عنه في مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فجعل طوله ستين ومائة ذراع وعرضه خمسين ومائة ذراعن وجعل أبوابه على ما كانت أيام عمر ستة أبواب ، وبناه بالحجارة المنقوشة ، وجعل عمده من حجارة فيها رصاص ، والله تعالى أعلم وهو حسبي .
ذكر إتمام عثمان الصلاة وما تكلم الناس به في ذلك
وفي هذه السنة حج عثمان رضي الله عنه بالناس ، وضرب فسطاطة بمني ، وهو أول فسطاط ضرب بمني ، وأتم الصلاة بها وبعرفة ، فكان أول ماتكلم به الناس في عثمان ظاهراً حين أتمها ، فعاب عليه ذلك غير واحد من الصحابةن وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ماحدث أمر ، ولا قدم عهد ، ولقد عهدت النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، وأبا بكر وعمر يصلون ركعتين ، وأنت صدراً من خلافتك . فقال : رأى رأيته .
وبلغ الخبر عبد الرحمن بن عوف ، وكان معه ، فجاءه وقال : ألم تصل في هذا المكان ركعتين مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وأبي بكر وعمر ، وصليتهما أنت قال : بلى ؛ ولكني أخبرت من بعض الناس أن بعض من حج من اليمن وجفاة الناس قالوا : إن الصلاة للمقيم ركعتان ، واحتجوا بصلاتي ، وقد اتخذت بمكة أهلاً ولي بالطائف مال .
فقال له عبد الرحمن : ما في هذا غدر ، أما قولك : اتخذت بها أهلاً ، فإن زوجك بالمدينة تخرج إذا شئت ، وإنما تسكن بسكناك . أما مالك بالطائف فبينك وبينه مسيرة ثلاث ليال . وأما قولك عن حاج اليمن وغيرهم فقد كان رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ينزل عليه الوحي والإسلام قليل ، ثم أبو بكر وعمر ، فصلوا ركعتين ، وقد ضرب الإسلام بجرانه . فقال عثمان : هذا رأي رأيته . وقيل : كان ذلك سنة ثلاثين ، والله أعلم .

الصفحة 274