كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 276 """"""
إليكم وإني لكاره ؛ ولكني لم أجد بداً إذ أمرت أن أأتمر . ألا إن الفتنة قد أطلعت خطمها وعينيها ، والله لأضربن وجهها حتى أقمعها أو تعييني ، وإني لرائد نفسي اليوم . ونزل .
وسأل عن أهل الكوفة ، فعرف حالأ أهلها ، فكتب إلى عثمان : إن أهل الكوفة قد اضطرب أمرهم ، وغلب أهل الشرف منهم والبيوتات والسابقة ، والغالب على تلك البلاد روادف قدمت ، وأعراب لحقت حتى لا ينظر إلى ذي شرف ولا بلاء من نازلتها ولا نابتتها .
فكتب إليه عثمان : أما بعد ، ففضل أهل السابقة والقدمة ، ممن فتح الله عليه تلك البلاد ؛ وليكن من نزلها غيرهم تبعاً لهم إلا أن يكونوا تثاقلوا عن الحق ، وتركوا القيام به ، وقام به هؤلاء . واحفظ لكل منزلته ، وأعطهم جميعاً بقسطهم من الحق ، فإن المعرفة بالناس بها يصاب العدل .
فأرسل سعيد إلى أهل الأيام والقادسية ، فقال : أنتم وجوه الناس ، والوجه ينبئ عن الجسد ، فأبلغونا حاجة ذي الحاجة . وأدخل معهم من يحتمل من اللواحق والروادف ، وجعل القراء في سمره ، ففشت القالة في أهل الكوفة .
فكتب سعيد إلى عثمان بذلك ، فجمع الناس وأخبرهم بما كتب ، فقالوا له : أصبت لا تطمعهم ، هم ليسوا له بأهل ؛ فإنه إذا نهض في الأمور من ليس لها بأهل لها لم يحتملها وأفسدها .
فقال عثمان : يا أهل المدينة ، استعدوا واستمسكوا ، فقد دبت إليكم الفتن . الله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب .
ذكر جمع القرآن
كان سبب ذلك أن حذيفة بن اليمان كان قد توجه مدداً لعبد الرحمن بن ربيعة لحصار الباب ، وكان مع سعيد بن العاصي عامل الكوفة ، فخرج معه سعيد بن العاص حتى بلغ أذربيجان ، فأقام حتى عاد حذيفة ، فلما عادا ورجعا ، قال لسعيد بن العاص : لقد رأيت في سفرتي هذه أمراً لئن نزل بالناس ليختلفن في القرآن ، ثم لا يقومون عليه أبداً .

الصفحة 276