كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 277 """"""
قال : وما ذلك ؟ قال : رأيت أناساً من أهل حمص يزعمون أن قراءتهم خير من قراءة غيرهم ، وانهم أخذوا القرآن عن المقداد ، ورأيت أهل الكوفة يقولون مثل ذلك ، وأنهم قرءوا على بن مسعود ، وأهل البصرة يقولون مثل ذلك ، وأنهم قرءوا على أبي موسى ، ويسمون مصحفه لباب القلوب .
فلما وصلوا إلى الكوفة أخبر حذيفة الناس بذلك ، وحذرهم مايخاف ، فوافقه أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وكثير من التابعين .
فتفاوض حذيفة ، وبن مسعود ، فغضب سعيد وقام ، وتفرق الناس وسار حذيفة إلى عثمان ، وأخبره بما رأى ، وقال : أنا النذير العريان ، فأدرك الأمة . فجمع عثمان الصحابة أخبرهم الخبر ، فأعظموه ، فأرسل إلى حفصة بنت عمر رضي الله عنهما : أن أرسلى إلينا بالصحف لننسخها وكانت هذه الصحف هي التي كتبت في أيام أبي بكر رضي الله عنهن وكانت عنده ثم عند عمر ، ثم كانت عند حفصة ، فأخذها عثمان منها ، وأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وبن عباس وسعيد بن العاص وبعد الله بن عمرو بن العاص ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف .
وقال عثمان : إن اختلفتم فاكتبوا بلغة قريش ؛ فإنما نزل بلسانها .
قال زيد : فجعلنا نكتب ؛ فإذا اختلفنا في شيء جمعنا في أمرنا على رأي واحد ، فاختلفنا في التابوت ، فقلتك التابوه . وقال النفر القرشيون التابوت . فأبيت أن أرجع إليهم ، وأبو أن يرجعوا إلي فرفعنا ذلك إلى عثمان ، فقال : أكتبوا التابوت .
قال زيد : وذكرت آية كنت سمعتها من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لم أجدها عند أحد حتى وجدتها عند خزيمة بن ثابت الأنصاري وهي : ) لقد جاء رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم ، فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ( قال : وكتبت أربع نسخ ، فبعث نسخة إلى الكوفة ، وأخرى إلى البصرة ، وأخرى إلى الشام ، وأمسك واحدة لنفسه ، وأعاد الصحف إلى حفصة ، وأمر أن يحرق ما سوى ذلك .
وقيل : إن النسخ كانت سبعة ، وأنه وجه نسخة إلى مكة ، وأخرى إلى اليمن ، وأخرى إلى البحرين ، والأول أصح .

الصفحة 277