كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 279 """"""
قال البلاذري : لما أعطى عثمان رضي الله عنه مروان بن الحكم ما أعطاه ، وأعطى الحارث بن الحكم بن أبي العاص - وهو أخو مروان - ثلثمائة ألف درهم ، وأعطى زيد بن ثابت الأنصاري مائة ألف درهم ، جعل أبو ذر يقول : بشر الكافرين بعذاب أليم : ويتلو قوله تعالى : " واللذين يكنزون الذهب والفضة " الآية .
فرفع مروان ذلك إلى عثمان ، فأرسل إلى أبي ذر ، أن انته عما يبلغني عنك ، فقال : أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله ، وعيب من ترك أمر الله فوالله لأن أرضى الله بسخط عثمان أحب إلي ن أن أسخط الله برضاه ، فأغضب ذلك عثمان ، وصبر وكف عنه ، ثم قال عثمان يوما : أيجوز للإمام أي يأخذ من المال ، فإذا ايسر قضى ؟ فقال : كعب الأحبار : لا بأس بذلك .
فقال : أبو ذر : يا بن اليهوديين أتعلمنا ديننا ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ فقال عثمان : ما أكثر ذاك لي وأولعك بأصحابي الحق بمكتبك ، وكان مكتبه بالشام ، إلا أنه كان يقدم حاجا ، ويسأل عثمان الإذن له في مجاورة قبر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) فأذن له في ذلك . وقيل : إنه إنما صار إلى الشام لأنه رأى البناء قد بلغ سلعاً ، فقال لعثمان : إني سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) . يقول : " إذا بلغ البناء سلعاً فالهرب " ، فأذن لي أتى الشام فاغزو هناك . فأذن له ، فكان أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها ، فبعث إليه معاوية ثلثمائة دينار ، فقالك إن كانت صلة فلا حاجة لي فيها . وبنى معاوية الخضراء بدمشق ، فقال : يامعاوية إن كان هذه من مال الله فهي الخيانة ، وإن كانت من مالك فهي الإسراف ، فسكت معاوية .
وكان أبو ذر يقول : والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها ، والله ماهي في كتاب الله ، ولا سنة نبيه ، والله إني لأرى حقاً يطفأ ، وباطلاً يحيا ، وصدقا مكذباً وأثره بغير تقى .
فقال حبيب بن مسلمة لمعاوية : إن أبا ذر مفسد عليك الشام ، فتدارك أهله إن كانت لك بهم حاجة .
فكتب معاوية إلى عثمان فكتب إليه عثمان ، فاحمل جندبا إلى على أغلط مركب وأوعره .
فوجه معاوية مع أبي ذر من سار معه الليل والنهار ، فلما قدم المدينة جعل يقول : تستعمل الصبيان ، وتحمي الحمى ، وتقرب أولاد الطلقاء