كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 28 """"""
عندما بلغه ذلك ، من الثناء على أسامة ابن زيد وعلى أبيه بن حارثة ، واستخلافه للإمارة ، وأنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبض وجيش أسامة بالجرف .
فلمّا بويع أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، كان أوّل ما بدأ به أن أمر منادى في الناس من بعد الغد من متوفّي رسول الله عليه وسلّم ليتمّم بعث أسامة : ألا لا يبقينّ في المدينة أحد من جند أسامة إلا خرج إلى عسكره بالجرف . روى ذلك عن عاصم بن عدي . وعن هشام بن عروة بن الزبير ، عن أبيه ، قال : لما بويع أبو بكر الصديق رصي الله عنه ، وجمع الأنصار على الأمر الذي افترقوا عنه ، قال : ليتمّ بعث أسامة ، وقد ارتدت لعرب ، إما خاصة فى كل قبيلة ، ونجم النّفاق ، واشرأبّت اليهودية والنّصرانية ، والمسلمون كالغنم المطيرة ، في الليلة الشاتية ؛ لفقد نبيهم وقلّتهم ، وكثرة عدوهم . فقال له النّاس : إن هؤلاء جلّ المسلمين ، والعرب على ما ترى ؛ قد انتقضت بك ، فليس ينبغى لك أن تفرّق عنك جماعة المسلمين .
فقال أبو بكر : والذي نفس أبي بكر بيده ، لو ظننت أن السّباع تخطفني لأنفذت بعث أسامة كما أمر به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قبل ولو لم يبق في القرى غيره لأنفذته وعن الحسن بن أبي الحسن قال ضرب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قبل وفاته بعثاّ على أهل المدنية ومن حولهم ، وفيهم عمر ابن الخطاب ، وأمّر عليهم أسامة بن زيد ، فلم يجاوز آخرهم الخندق حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلّم ، فوقف أسامة بالناس ، ثم قال لعمر بن الخطاب : ارجع إلى خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، فا ستأذته ، يأذن لي أن أرجع بالناس ، فإن معي وجوه الناس وحدهم ، ولا آمن على خليفة رسول الله عليه وسلّم وثقل رسول الله وأثقال المسلمين أن يتخطفهم المشركون . وقالت الأنصار : فإن أبى إلا نمضي ؛ فأبلغه عنا ، واطلب إليه أن يولى أمرنا رجلاً أقدم سنّا من أسامة .
فخرج عمر بأمر أسامة ، فأتى أبا بكر ، فأخبره بما قال أسامة ، فقال أبو بكر : لو خطفتني الكلاب أو الذئاب لم قضاء قضي به رسول الله عليه وسلّم ، قال : فإنّ الأنصار

الصفحة 28