كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 282 """"""
وأقام أبو ذر بالربذة إلى سنة اثنتين وثلاثين ، فمات به رضي الله عنه ، ولما حضرته الوفاة قال لابنته : استشرفي يا بنية ، هل ترين أحداً ؟ قالت : لا ، قال : فما جاءت ساعتي بعد ، ثم أمرها فذبحت شاه ثم طبختها ، ثم قال : إذا جاءك الذين يدفنوني - فإنه سيشهدني قوم صالحون - فقولي لهم : يقسم عليكم أبو ذر ألا تركبوا حتى تأكلوا ؛ فلما نضجت قدرها قال لها : انظري ، هل ترين أحداً ؟ قالت : نعم ، هؤلاء ركب . قال : استقبلي الكعبة ، ففعلت .
فقال : بسم الله ، وبالله ، وعلى ملة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، ومات . فخرجت ابنته ، فتلقتهم وقالت : رحمكم الله . اشهدوا أبا ذر قالوا : وأين هو ؟ فأشارت إليه ، قالوا : نعم ، ونعمة عين ، لقد أكرمنا الله بذلك .
وكان فيهم ابن سعود رضي الله عنه فبكى ، وقال صدق رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، قال : " يموت وحده ويبعث وحده " .
فغسلوه وكفنوه ، وصلوا عليه ودفنوه ، فقالت لهم ابنته : إن أبا ذر يقرأ عليكم السلام ، وأقسم ألا تركبوا حتى تأكلوا ، ففعلوا ، وحملوا أهله معهم حتى أقدموهم مكة ، ونعوه إلى عثمان فضم ابنته إلى عياله .
وقيل : كانت وفاته في سنة إحدى وثلاثين . .
وقيل : إن بن مسعود لم يحمل أهل أبي ذر معه ، إنما تركهم حتى قدم على عثمان بمكة فأعلمه بموته ، فجعل عثمان طريقه عليهم ، فحملهم معه .
سنة إحدى وثلاثين
فيها حج عثمان رضي الله عنه بالناس .
وفيها مات أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، وصخر ابن حرب ، وهو بن ثمان وثمانين وسنة .
سنة اثنتين وثلاثين
.
وفي هذه السنة مات العباس بن عبد المطلب ، وكان قد كف بصره ، وله من العمر ثمان وثمانون سنة .

الصفحة 282