كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 286 """"""
ويتمنى لكم أضعافه . فثار به الأشتر وجندب وبن ذي الحنكة ، وصعصعة ، وابن الكواء ، وكميل ، وعمير بن ضابئ ، فأخذوه ، فثار أبوه ليمنع عنه ، فضربوهما حتى غشي عليها ، وجعل سعيد يناشدهم ويأبون ، حتى قضوا منهما وطرأ ، فسمعت بذلك بنو أسد ، فجاءوا وفيم طليحة ، فأحاطوا بالقصر ، وركبت القبائل فعادوا بسعيد ، فخرج سعيد إلى الناس ، فقال : أيها الناس ، قوم تنازعوا ، وقد رزق الله العافية . فردهم ، فتراجعوا . وأفاق الرجلان ، فقالا : قاتلنا غاشيتك ، فقال : لا يغشوني أبداً ، فكفأ ألستنكما ولا تجرئا الناس ، ففعلا ، وقعد أولئك النفر في بيوتهم ، وأقبلوا يقعون في عثمان رضي الله عنه .
وقيل : بل كان السبب في ذلك أنه كان يسمر عند سعيد وجوه أهل الكوفة ، منهم : مالك بن كعب الأرحبي ، والأسود بن يزيد وعلقمة بن قيس النخعيان ، ومالك بن الأشتر ، وغيرهم فقال سعيد : إنما هذا السواد بستان قريش ، فقال الأشتر : تزعم أن السواد الذي أفاءه الله علينا بأسيافنا بستان لك ولقومك وتكلم القوم معه ، فقال عبد الرحمن الأسدي ، وكان على شرطة سعيد : أتردون على الأمير مقالته وأغلظ لهم ، فقال الأشتر : من هاهنا لا يفوتنكم الرجل ، فوثبوا عليه فوطئوه وطئاً شديداً حتى غشي عليه ، ثم جروا برجله فنضح بماء فأفاق ، وقال : قتلني من انتخبت ، فقال : والله لا يسمر عندي أحد أبداً ، فجعلوا يجلسون في مجالسهم يشتمون عثمان وسعيداً ، واجتمع إليهم الناس حتى كثروا .
فكتب سعيد وأشراف أهل الكوفة إلى عثمان في إخراجهم ، فكتب إليهم أن يلحقوهم بمعاوية ، وكتب إلى معاوية : إن نفراً قد خلقوا للفتنة ، فقم عليهم وانههم ، فإن آنست منهم رشداً فأقبل منهم وإن أعيوك فارددهم علي .
فلما قدموا على معاوية أنزلهم كنيسة مريم ، وأجرى عليهم ما كان بالعراق بأمر عثمان وكان يتغدى ويتعشى معهم .
فقال لهم يوماً : إنكم قوم من العرب لكم أسنان وألسنة ، وقد أدركتم بالإسلام شرفاً ، وغلبتم الأمم ، وحزتم مراتبهم ومواريثهم ، وقد بلغني أنكم نقمتم قريشاً ؛ لو لم تكن قريش كنتم أذلة ، إن أئمتكم لكم جنة ، فلا تفترقوا عن جنتكم ، وإن أئمتكم يصبرون لكم على الجور ، ويحملون عنكم المئونة ، والله لتنتهن أوليبتلينكم