كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 29 """"""
أمروني أن أبلغك أنّهم يطلبون إليك أن تولّى أمرهم رجلاً أقدم سناً من أسامة . فوثب أبو بكر وكان جالساً . فأخذ بلحية عمر ، وقال : ثكلتك أمك وعدمتك يابن الخطاب استعمله رسول الله صلى اللله عليه وسلم ، وتأمرني أن أنزعه فخرج عمر إلى الناس ، فقالفوا : ما صنعت ؟ فقال : امضوا ثكلتكم أمّهاتكم ما لقيت في سببكم اليوم من خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثم خرج أبو بكر رصي الله عنه حتى أتاهم ، فأشخصهم وشيعهم وهو ماش ؛ وأسامة راكب ، وعبد الرحمن بن عوف يقود دابّة أبي بكر ، فقال له أسامة : يا خليفة الله ، وما علىّ أن أغبر قدمي في سبيل الله ساعةً ؛ فإن للغازي بكل خطوة يخطوها سبعمائة خطيئة ؛ حتى إذا انتهى أبو بكر ، قال لأسامة : إن رأيت أن تعيني بعمر فافعل ، فأذن له ، ثم قال : يأيّها الناس ، قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عنّي : لا تخونوا ولا تغلّوا ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً ، ولا شيخاً كبيراً ، ولا امرأة ، ولا تعقروا نخلاً ، ولا تحرقوه ، ولا تقطعوا شجرةً مثمرةً ، ولا تذبحوا شاةً ولا بقرةً ولا بعيراً إلا لمأكلةٍ ، وسوف تمروت بأقوامٍ قد فرغوا أتفسهم بالصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له ، وسوف تقدمون على أقوام يأتونكم بأنيةٍ فيها ألوان الطعام ، فإذا أكلتم منها شيئاً بعد شيءٍ فاذكروا اسم الله عليها . وسوف تلقون أقواماً قد فحصوا اوساط رءوسهم ، وتركوا حولها مثل العصائب ، فاخفقوهم بالسيف خفقاً ، اندفعوا باسم الله .
ثم أوصى أسامة أن يفعل ما أمره به رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فسار وأوقع بقبائل قضاعة التي ارتدت ، وغنم وعاد ، وكانت غيبته أربعين يوماً ، وقيل : سبعين يوماً ، قيل : أربعين ؛ سوى مقامه ومقفله راجعا .

الصفحة 29