كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 292 """"""
ذكر ابتداء الخلاف على عثمان ومن ابتدأ بالجرأة عليه
كان أول من ابتدأ بالجرأة عليه عبد الرحمن بن عوف ؛ وذلك أن أبلا من إبل الصدقة جيء بها إلى عثمان ، فوهبها لبعض بني الحكم ، فبلغ ذلك عبد الرحمن ، فأخذها وقسمها بين الناس ، وعثمان في الدار .
وكان أول من أجترأ عليه في المنطق جبلة بن عمرو الساعدي ، مر به عثمان وهو في نادي وبيده جامعة ، فسلم عثمان فرد القوم ، فقال جبلة : لم تردون على رجل فعل كذا وكذا ثم قال لعثمان : والله لأطرحن هذه الجامعة في عنقك ، أو لتتركن بطانتك هذه الخبيثة ؛ مروان وبن عامر وبن سعد ، ومنهم من نزل القرآن بذمة ، وأباح رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) دمه .
وحكى أبو جعفر الطبري : أنه مر به وهو بفناء داره ومعه جامعة ، فقال يا نعشل والله لأقتلنك ولأحملنك على قلوص جرباء ، ولأحملنك إلى حرة النار .
قال : ثم جاءه مرة أخرى ، وعثمان على المنبر ، فأنزله عنه قال أبو جعفر وعن أبي حبيبة ، قال : خطب عثمان الناس في بعض أيامه ، فقال عمرو بن العاص : يا أميرالمؤمنين ، إنك قد ركبت نهابير ، وركبنا معك ، فتب نتب . فاستقبل عثمان القبلة ، وشهر يديه قال أبو حبيبة : فلم أر يوماً أكثر باكياً ولا باكية من يومئذ .
قال : ثم خطب الناس بعد ذلك ، فقام إليه جهجاه الغفاري فصاح : ياعثمان ، ألا إن هذه شارف ، قد جئنا بها ، عليها عباءة وجامعة ، فأنزل فلندرعك العباءة ، ولنطرحك في الجامعة ، ولنحملنك على الشارف ، ثم نطرحك في جبل الدخان .
فقال عثمان : قبحك الله ، وقبح ما جئت به