كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 295 """"""
فيقول أهل كل مصر : إنا لفي عافية مما ابتلي به هؤلاء .
ثم تكاتب نفر من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وغيرهم ، بعضهم إلى بعض في سنة اربع وثلاثين أن أقدموا فإن الجهاد عندنا ، ونال الناس من عثمان ، وعظموا عليه ، وليس أحد من الصحابة ينهي ولا يذب ، إلا نفر ، منهم زيد بن ثابت ، وأبو أسيد الساعدي ، وكعب بن مالك ، وحسان بن ثابت ، فاجتمع الناس ، فكلموا على بن أبي طالب رضي الله وأرضاه وكرم وجهه .
ذكر كلام علي لعثمان وجوابه له
قال : ولما اجتمع الناس إلى علي رضي الله عنه ، وكلموه ، دخل إلى عثمان فقال : إن الناس ورائي ، وقد كلموني فيك ، والله ما أدري ما أقول لك ، ولا أعرف شيئاً تجهله ، ولا أدلك على أمر لا تعرفه ، إنك لتعلم ما نعلم ، ما سبقناك إلى شيء فنخبرك عنه ولا خلونا بشيء فنبلغك ، وما خصصنا بأمر دونك ، وقد رأيت وصحبت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وسمعت منه ، ونلت صهره ، وما أبنأبي قحافة بأولى بالعمل منك ، ولا بن الخطاب بأولى بشيء من الخير منك وأنت أقرب إلى رسول الله صىل الله عليه وسلم رحماً ، ولقد نلت من صهر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مالم تنالا ، ولا سبقاك إلى شيء ، فالله ، الله في نفسك ، فإنك والله ما تبصر عن عمي ، وما تعلم من جهالة ، وإن الطريق لواضح بين ، وإن أعلام الدين لقائمة .
أعلم يا عثمان أن أفضل عباد الله عند الله إمام عادل ؛ هدى وهدى ، وأقام سنة معلومة ، وأمات بدعة مكروهة ، فو الله إن كلا لبين ، وإن السنن لقائمة لها أعلام ، وإن البدع لقائمة لها أعلام ، وإن شر الناس عند الله إمام جائر ضل وأضل ، فأمات سنة معلومة وأحيا بدعة متروكة ، وإني أحذرك الله وسطواته ونقماته ، فإن عذابه شديد أليم ، أحذرك أن تكون إمام هذه الأمة الذين يقتل فيفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة ، وتلبس أمورها وتتركهم شيعاً ؛ لا يبصرون الحق لعلو الباطل ، يموجون فيها موجاً ، ويمرجون فيها مرجاً .
فقال عثمان : قد علمت والله ليقولن الذي قلت ، أما والله لو كنت مكان ما عنفتك ولا أسلمتك ، ولا عبت عليك ، ولا جئت منكراً ، أن وصلت رحماً ، وسددت خلة ، وآويت ضائعاً ، ووليت شبيهاً بمن كان عمر ولي . أنشدك الله يا علي ، هل تعلم أن المغيرة بن شعبة ليس هناك قال : نعم ، قال : فتعلم أن عمر ولاه ؟ قال : نعم ، قال : فلم تلومني أن وليت بن عامر في رحمه وقرابته ؟ قال علي : إن عمر كان يطأ