كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 296 """"""
على صماخ من ولي إن بلغه عنه حرف جلبه ، ثم بلغ به أقصى العقوبة ، وأنت لا تفعل ، ضعفت ورفقت على أقربائك .
قال عثمان . : وهم أقرباؤك أيضاً . قال : أجل ، إن رحمهم مني لقريبة ؛ ولكن الفضل في غيرهم .
قال عثمان : هل تعلم أن عمر ولي معاوية ، فقد وليته ؟ قال علي : أنشدك الله هل تعلم أن عمر ولي معاوية ، فقد وليته ؟ قال علي ؟ أنشدك الله هل تعلم أن معاوية كان أخوف لعمر من يرفأ ) غلام له ( ؟ قال : نعم ، قال : فإن معاوية يقطع الأمور دونك ، ويقول للناس : هذا أمر عثمان ، وأنت تعلم ذلك ، فلا تغير عليه .
ثم خرج علي من عنده ، وخرج عثمان على أثره ، فجلس على المنبر ثم قال .
أما بعد ، فإن لكل شيء آفة ، ولكل عاهة ، وإن آفة هذه الأمة ، وعاهة هذه النعمة ، طعانون يرونكم ما تحبون ، يسترون عنكم ما تكرهون ، ويقولون لكم ويقولون ، أمثال النعام ، يتبعون أول ناعق ، أحب مواردها إليها البعيد ، لا يشربون إلا نغصاً ، ولا يردون إلا عكراً ، لا يقوم لهم رائد ، وقد أعيتهم الأمور ، إلا فقد عبتم على والله بما أقررتم لابن الخطاب بمثله ؛ لكن وطئكم برجله ، وضربكم بيده ، وقمعكم بلسانه ، فدنتم له على ما أحببتم أو كرهتم ، ولنت لكم ، وأوطأتكم كتفي ، وكففت يدي ولساني عنكم ، فاجترأتم علي . أما والله لأنا أعز نفراً ، وأقرب ناصراً ، وأكثر عدداً ، وأحرى إن قلت هلم أتي إلى ، ولقد أعددت لكم أقرانكم ، وأفضلت عليكم فضولاً ، وكشرت لكم عن نابي ، وأخرجتم مني خلقاً لم أكن أحسنه ، ومنطقاُ لم أنطق به ، فكفوا عني ألسنتكم وطعنكم وعيبكم على ولاتكم ، فإني كففت عنكم من لو كان الذي يكلمكم لرضيتم منه بدون منطقي هذا ، ألا فما تفقدون من حقكم ؟ والله ماقصرت عن بلوغ ما بلغ من كان قبلي ، ولم يكونوا يختلفون عليه .
فقام مروان بن الحكم فقال : إن شئتم حكمنا والله بيننا وبينكم السيف ، ونحن والله وأنتم كما قال الشاعر :
فرشنا لكم أعراضنا فنبت بكم . . . مغارسكم تبنون في دمن الثري
فقال له عثمانك اسكت لأسكت ، دعني وأصحابي ، ما منطقك في هذا ؟ الم أتقدم إليك ألا تنطق فسكت مروان ، ونزل عثمان

الصفحة 296