كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 30 """"""
وكان إنفاذ جيش أسامة من أعظم الأمور نفعاً للمسلمين ، فإنّ العرب قالوا : لو لم تكن لهم قوة ما أرسلوا هذا الجيش ؛ فكفّوا عن كثير مما كانواعزموا على فعله ، وذلك ببركة اتّباع أمر رسول الله لّى الله عليه وسلّم .
ذكر أخبار من ادعى النبوة من الكذابين وما كان من أمرهم ، وتجهيز أبي بكر الصديق الجيوش إليهم ، وإلى من ارتدّ من قبائل العرب
قال المؤرخون : كان ادّعى النبوة في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثلاثة ، وهم : الأسود العنسى ، وطليحة الأسدي ، ومسيلمة الكذّاب ، وادّعت النبوّة سجاح بنت الحارث التميمية .
فأما الأسود العنسي ، واسمه عبهلة بن كعب بن عوف العنسى - بالنّون الساكنة ، وعنس بطن من مذحج - فكان يلقّب ذا الخمار لأنه كان متخمراً أبدا .
وقال أحمد بن يحيى بن جابر البلاذريّ : إنه كان له حمار معلم يقول له : اسجد لربك ، فيسجد . ويقول له : ابرك فيبرك . فقيل له : ذا الحمار . والله تعالى أعلم .
وكانت ردّته أول ردّة كانت في الإسلام ، وغلب على صنعاء إلى عمان إلى الطائف . وكان من خبره ما روى عن الضحّاك بن فيروز الدّيلى عن أبيه ؛ قال : أول ردّة كانت في الأسلام باليمن ، ردّة كانت على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، على يد ذي الخمار عبهلة بن كعب - وهو الأسود - في عامّة مذحج ، خرج بعد الوداع . وكان الاسود كاهنا مشعبذاً ، وكان يربهم الأعاجيب ، ويسبى قلوب من سمع منطقه ، وكان أول ما خرج أن خرج من كهف خبّان - وهي كانت موطنه وداره ، وبها ولد ونشأ - فكاتبته مذحج وواعدوه نجران ، فوثبوا عليها ، وأخرجوا عمرو بن حزم وخالد بن سعيد بن العاص ، ثم أنزلوه منزلهما ، ووثب قيس بن عبد يغوث على فروة بن مسيك فأجلاه ، ونزل منزله ، فلم يلبث عبهلة بنجران أن سار إلى صنعاء فأخذها ، وكتب بذلك إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) .

الصفحة 30