كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 300 """"""
وخرج أهل البصرة وفيهم حكيم بن جبلة العبدي ، وذريج بن عباد العبدي ، وبشر بن شريح القيسي ، وابن المحترش ، وهم بعداد أهل مصر ، وأميرهم حرقوص بن زهير السعدي .
فخرجوا جيمعاً في شوال ، وأظهروا أنهم يريدون الحج ، فلما كانوا من المدينة على ثلاث ، تقدم ناس من أهل البصرة ، فنزلوا ذا خشب ، وكان هواهم في طلحة ، وتقدم ناس من أهل الكوفة فنزلوا على الأعوص وهو أهم في الزبير ، وجاءهم ناس من أهل مصر وهواهم في علي ، ونزل عامتهم بذي المروة فاجتمع نفر من أهل مصر وأتوا علياً ، ونفر من أهل البصرة ، وأتوا طلحة ، ونفر من أهل الكوفة فأتوا الزبير ، واجتمعوا بهم فكل طردهم وأبعدهم ، فعادوا إلى أصحابهم .
وقيل : إن عثمان لما بلغه نزولهم بذي خشب ، جاء إلى علي وكلمة في ردهم ، فقال علي : على أي شيء أردهم ؟ فقال عثمان : على أن أصير إلى ما أشرت إليه ورأيته لي .
فركب علي ومحمد بن مسلمة وأبو المضرس وكلموهم في الرجوع ، فرجعوا ، فعاد علي إلى عثمان برجوعهم ، فسر بذلك .
فلما فارقه مروان بن الحكم إلى عثمان من الغد فقال له : تكلم أعلم الناس أن أهل مصر رجعوا ، وأن ما بلغهم عن أميرهم كان باطلاً قبل أن يأتي الناس من أمصارهم ، ويأتيك حالا تستطيع رده ، ففعل عثمان ، فلما خطب الناس قال عمرو بن العاص : اتق الله يا عثمان ، فإنك قدركبت أموراً وركبناها معك ، فتب إلى الله نتب .
فناداه عثمان : وإنك هنالك قملت والله جبيتك ، منذ عزلتك عن العمل .
فنودي من ناحية أخرى : تب إلى الله ، فرفع راسه وقال : الله إني أول تائب . وخرج عمرو بن العاص حتى أتى فلسطين .
وفي رواية عن علقمة بن وقاص : إن عمرو بن العاص قام إلى عثمان وهو يخطب ، فقال : يا عثمان ، إنك قد ركبت بالناس النهابير وركبوها ، فتب إلى الله وليتوبوا .
فالتفت إليه عثمان وقال : وإنك لهنا يابن النابغة ثم رفع يديه واستقبل القبلة وقال : أتوب إلى الله ، اللهم أنا أول تائب إليك .

الصفحة 300