كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 303 """"""
فخرج عثمان من عنده وهو يقول : خذلتني وجرأت الناس علي ، فقال له علي : والله إني لأكثر الناس ذنباً عنك ؛ ولكني جئت بشيء أظنه لك رضا ، جاء مروان بأخرى ، فسمعت قوله ، وتركت قولي ، ولم يعد علي يعمل ما كان يعمل إلى منع عثمان الماء .
فغضب غضباً شديداً حتى دخلت الروايا على عثمان رضي الله عنه . والله أعلم .
ذكر مقتل عثمان رضي الله عنه
ولم عاد المصريون وغيرهم ، ظن أن الفتنة قد ركدت ، والبلية قد سكنت ، فلم يفجأ أهل المدينة إلا والتكبير في نواحيها ، وقد عاد القوم ، فجاءهم أهل المدينة وفيهم علي ، فقال : ما ردكم بعد ذهابكم وقيل : إن الذي سألهم محمد بن مسلمة ، فأخرجوا صحيفة في انبوبة رصاص وقالوا : وجدنا غلام عثمان بالبويب على بعير من إبل الصدقة ، ففتشنا متاعه ، فوجدنا فيه هذه الصحيفة ، يأمر فيها عامل مصر بجلد عبد الرحمن بن عديس وغيره ، وصلب بعضنا .
قيل وكان الذي أخذت منها الصحيفة أبو الأعور السلمي فدخل علي محمد بن مسلمة على عثمان وأعلموه بما قال القوم ، فأقسم بالله ما كتبه ولا علم به .
فقال محمد : هذا من فعل مروان ، ودخل عليه المصريون ، فلم يسلموا عليه بالخلافة ، وتكلموا فذكر بن عديس ما فعل بعبد الله بن سعد بالمسلمين وأهل الذمة ، وأنه استأثر بالغنائم ، فإن قيل له في ذلك قال : هذا كتاب أمير المؤمنين ، وذكر أشياء مما أحدثها عثمان بالمدينة .
وقال : خرجنا من مصر نريد قتلك ، فردنا علي ومحمد بن مسلمة ، وضمنا لنا النزوع عن كل ما تكلمنا فيه ، فرجعنا إلى بلادنا ، فرأينا غلامك وكتابك وعليه خاتمك ، تامر بجلدنا والمثلة بنا ، وطول حبسنا . فحلف أنه ما كتب ولا أمر ولا علم .