كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 304 """"""
فقال محمد وعلي : صدق عثمان . قال المصريون : فمن كتبه ؟ قال : لا أدري قالوا : فيجترأ عليك ، ويبعث غلامك وجمل الصدقة ، وينقش على خاتمك ، ويبعث إلى عاملك بهذه الأمور العظيمة وأنت لا تعلم قال : نعم .
قالوا : ما انت إلا صادق أو كاذب فإن كنت كاذبا فقد استحققت الخلع لما أمرت به من قتلنا بغير حق ، وإن كنت صادقاً فقد استحققت الخلع . لضعفك عن هذا الأمر ، وغفلتك ، وخبث بطانتك ، ولا نترك هذا الأمر بيد من يقطع الأمر دونه .
فقال : لا أنزع قميصاً ألبسنيه الله ؛ ولكنني أتوب وأنزع .
قالوا : قد رأيناك تتوب ، ثم تعود ، ولسنا منصرفين حتى نخلعك ، أو نقتلك ، أو تلحق أرواحنا بالله ، وإن منعك أهلك وأصحابك قاتلناهم .
فقال : أما أن أتبرأ من خلافة الله فالقتل أحب إلى من ذلك ، أما قتالكم من منعني فإني لا آمر بقتل أحد بقتالكم ، فمن قاتل فبغير أمري .
وكثرت الأصوات واللغط ، فقام علي وأخرج القوم ومضى إلى منزله .
قال : لما رجع أهل مصر ، رجع أهل الكوفة وأهل البصرة فكأنما كانوا على ميعاد واحد ؛ فقال لهم علي رضي الله عنه : كيف علمتم يا أهل الكوفة ، ويا أهل مصر بما لقي أهل مصر ، وقد سرتم مراحل حتى رجعتم هذا والله أمر بليل فقالوا : ضعوه كيف شئتم ، لا حاجة لنا في هذا الرجل ، ليعتزلنا .
قال : ثم أحاط القوم بعثمان ، ولم يمنعوه من الصلاة ، ولا منعوا من اجتماع الناس به .
وكتب عثمان إلى أهل الامصار يستنجدهم ، ويأمرهم بالحث للمنع عنه ، يعرفهم ما الناس فيه ، فخرج أهل الأمصار على الصعب والذلول .
فبعث معاوية حبيب بن مسلمة الفهري ، وبعث عبد الله بن سعد معاوية بن حديج . وخرج من الكوفة القعقاع بن عمرو .
وقام بالكوفة نفر يحضون على إعانة أهل المدينة ، منهم عقبة بن عمرو ، وعبد الله بن أبي أوفى ، وحنظلة الكاتب وغيرهم من أصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) .
ومن التابعين مسروق الأسود وشريح وعبد الله بن عليم وغيرهم .