كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 305 """"""
وقام بالبصرة عمران بن حصين ، وأنس بن مالك ، وهشام بن عامر وغيرهم من الصحابة .
وقام بالشام جماعة من الصحابة والتابعين ، وكذلك بمصر .
قال : ولما جاءت الجمعة التي على اثر دخولهم المدينة ، خرج عثمان فصلى بالناس ، ثم قام على المنبر وقال : يا هؤلاء ، الله الله ، فوالله إن أهل المدينة ليعلمون أنكم ملعونون على لسان محمد ، فأمحوا الخطأ بالصواب .
وقام محمد بن سلمة قال : أنا أشهد بذلك ، فأقعده حكيم بن جبلة ، وقام زيد بن ثابت ، فأقعده محمد بن أبي قتيرة ، وثار القوم بأجمعهم : فحصبوا الناس حتى أخرجوهم من المسجد ، وحصبوا عثمان حتى صرع عن المنبر مغشياً عليه ، فأدخل داره ، واستقتل نفر من أهل المدينة معه ، منهم سعد بن أبي وقاص ، والحسن بن علي وزيد بن ثابت وأبو هريرة ، فعزم عليهم عثمان بالانصراف ، فانصرفوا ، وجاءه علي وطلحة والزبير يعودونه ، وعنده جماعة من بني امية ، منهم مروان بن الحكم ، فقالوا : كلهم لعلي : أهلكتنا وصنعت هذا الصنع والله لئن بلغت الذي تريد لنمرن عليك الدنيا ، فقام مغضبا ، وعاد هو والجماعة إلى منازلهم .
قال : وصلى عثمان بالناس في المسجد بعدما نزلوا به ثلاثين يوماً ثم منعوه الصلاة ، وصلى بالناس أميرهم الغافقي ، وتفرق أهل المدينة في حيطانهم ، ولزموا بيوتهم ، لا يجلس أحد ولا يخرج إلا بسيفه ؛ ليمتنع به .
قال : وفي أثناء ذلك استشار عثمان نصحاءه في أمره ، فأشاروا عليه بالإرسال إلى علي في ردهم ، ويعطيهم ما يرضيهم ؛ ليطاولهم حتى تأتيه أمداده ، فقال : إنهم لا يقبلون التعلل ، وقد كان مني في المرة الأولى ماكان .
فقال مروان : أعطهم ما سألوك ، وطاولهم ما طاولوك ؛ فإنهم قوم بغوا عليك ولا عهد لهم .
فدعا عليا وقال له : قد ترى ما كان من أمر الناس ، ولا آمنهم على دمي ، فأرددهم فإنى أعطيهم ما يريدون من الحق مني ومن غيري .
فقال علي : الناس إلى عدلك أحوج منهم إلى قتلك ، وقد كنت أعطيتهم عهداً فلم تف به فلا تفردني هذه المرة فإنى معطيهم عليك بالحق .