كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 308 """"""
ففشا النهي في الناس ، يقولون : مهلاً عن أمير المؤمنين فقام الأشتر : فقال : لعله قد مكر به وبكم .
قال : وبلغ طلحة والزبير مالقى على وأم حبيبة ، فلزموا بيوتهم ، وبقي عثمان يسقيه آل حزم في الغفلات .
قال : وخرجت عائشة رضي الله عنها إلى الحج ، فاستتبعت أخاها محمداً ، فأبى ، فقالت : والله لئن استطعت أن يحرمهم الله مايحاولون لأفعلن . فقال له حنظلة الكاتب : تستتبعك أم المؤمنين فلا تتبعها ، وتتبع ذؤبان العرب إلى مالا يحل وإن هذا الأمر إن صار إلى التغالب غلبتك عليه بنو عبد مناف ، ثم رجع حنظلة إلى الكوفة وهو يقول بالله المستعان ، وعليه التكلان :
عجبت لما يخوض الناس فيه . . . يرومون الخلافة أن تزولا
ولو زالت لزال الخير عنهم . . . ولاقوا بعدها ذلا ذليلاً
وكانوا كاليهود أو كالنصارى . . . سواء كلهم ضلوا السبيلا
قال : ثم أشرف عثمان على الناس ، واستدعى عبد الله بن عباس ، فأمره أن يحج بالناس ، وكان ممن لزم الباب ، فانطلق .
قال : ولما رأى المصريون أن أهل الموسم يريدون قصدهم بعد الحج مع مايليهم من مسير أهل الأمصار ، قالوا : لا يخرجنا من هذا الأمر الذي وقعنا فيه إلا هذا الرجل ، فيشتغل الناس عنا . فتقدموا إلى الباب ، فمنعهم الحسن ، وابن الزبير ، ومحمد بن طلحة ، ومروان وسعيد بن العاص ومن معهم من أبناء الصحابة ، واجتلدوا فزجرهم عثمان ، وقال : أنتم في حل من نصرتي ، فأبوا ، ففتح الباب ليمنعهم ، فلما خرج ورآه المصريون رجعوا ، فركبهم هؤلاء ، واقسم عثمان على الصحابة ليدخلن ، فدخلوا ، فأغلق الباب دون المصريين فثاروا إلى الباب ، وجاءوا بنار ، فأحرقوا السقيفة التي على الباب وثار بهم أهل الدار ، وعثمان يصلي ، قد افتتح طه ، فما شغله ماسمع حتى أتى عليها ، فلما فرغ جلس إلى المصحف فقرأ : " الذي قال لهم الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل "

الصفحة 308