كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 31 """"""
وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم جمع لباذام ، حين أسلم ، وأسلمت اليمن كلها على جميع مخالفيها ، فلم يزل عامل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أيام حياته لم يعزله عنها ولا عن شيء منها ولا أشرك معه فيها شريكاً حتى مات باذام ، ففرّق رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عمل اليمن على جماعة من أصحابه ، وهم : شهر باذام ، وعامر بن شهر الهمداني ، وعبد الله بن قيس أبو موسى ، خالد ابن سعيد بن العاص ، والطاهر بن أبي هالة ، ويعلى بن أمية ، وعمرو ابن حزم . وعلى بلاد حضرموت زياد بن لبيد البياضي ، وعكّاشة ابن ثور بن أصغر الغوثي ؛ على السكاسك والسكون ، ومعاوية بن كندة . وبعث معاذ بن جبل معلما لأهل البلدين : اليمن وحضرموت .
وروى عن عبيد بن صخر ، قال : بينما نحن بالجند ؛ قد أقمناهم على ما ينبغي ، وكتبنا بيننا وبينهم الكتب ؛ إذ جاءنا كتاب من الأسود : أيها المتوّردون علينا ، أمسكوا علينا ما أخذتم من أرضنا ، ووفروا ما جمعتم ، فنحن أولى به ، وأنتم على ما أنتم عليه ، فقلنا للرسول : من أين جئت ؟ قال : من كهف خبّان ؛ ثم كان وجهه إلى نجران حتى أخذها في عشر لمخرجه ، وطابقه عوام مذحج ؛ فبينا نحن ننتظر في أمرنا ونحن نجمع جمعنا إذ أتينا . فقيل : هذا الأسود بشعوب ، وقد خرج إليه شهر بن باذام ، وذلك لعشرين ليلة من منجمه ؛ فبينا نحن ننتظر الخبر على من تكون الدّبرة ؛ إذ أتانا أنه قتل شهر اً ، وهزم الأنباء ، وغلب على صنعاء ، لخمس وعشرين ليلة من منجمه .
وخرج معاذ هاربا حتى مركز العلا للكمبيوتر بأبي موسى وهو بمأرب ، فاقتحما حضرموت ، فأما معاذ فإنه نزل في السكون ، وأما أبو موسى فإنه نزل في السّكاسك ، وانحاز سائر أمراء اليمن إلى الطاهر إلا عمرا وخالداً ، فإنهما رجعا إلى المدنية ، والطّاهر يومئذ في وسط بلادعكّ بحيال صنعاء ؛ وغلب الأسود على ما بين صهيد - مفازة حضرموت - إلى عمل الطائف ، إلى الحرين قبل عدن ، وطابقت عليه اليمن ، وعكّ بتهامة معترضون عليه ، وجعل يستطير استطارة الحريق ، وكان معه يوم لقى شهر بن باذام سبعمائة

الصفحة 31