كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 311 """"""
وفارق القوم . ودخل عليه رجل من قريش فقال له : إن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) استغفر لك يوم كذا وكذا فلن تقارب دما حراماً ، فرجع وفارق أصحابه .
ودخل عليه جماعة كلهم يرجع ، آخرهم محمد بن أبي بكر ، فلما خرج ثار قتيرة وسودان بن حمران والغافقي ، فضربه الغافقي بحديدة ، وضرب المصحف برجله : فدار المصحف ، واستقر بين يديه ، وجاء سودان ليضربه فأكبت عليه نائلة بنت الفرافصة ، واتقت السيف بيدها فقطع أصابعها وشيئاً من الكف ، ونصف الإبهام فولت ، فغمز أوراكها ، وقال : إنها لكبيرة العجز ، وضرب عثمان فقتله .
وقيل : إن الذي قتله كنانة بن بشر التجيبي ، وكان عثمان قد رأى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) في تلك الليلة وهو يقول له : إنك تفطر الليلة عندنا .
ولما قتل قطر من دمه على المصحف على قوله تعالى : " فسيكفيكم الله " قال : ودخل غلمة لعثمان من القوم لينصروه ، فقال عثمان : من كف يده فهو حر ، فلما ضربه سودان ضرب بعض الغلمان رقبة سودان فقتله ، ووثب قتيرة على الغلام فقتله ، وانتهبوا ما في البيت ، وخرجوا ، وأغلقوا الباب على ثلاثة قتلى .
فلما خرجوا وثب غلام لعثمان على قتيره فقتله ، وثار القوم فأخذوا ما وجدوا حتى أخذوا ما على النساء ، وأخذ كلثوم التجيبي ملاءة كانت على نائلة فضربه غلام لعثمان فقتله ، وانتهب القوم بيت لمال .
قال : ووثب عمرو بن الحمق على صدر عثمان وبه رمق ، فطعنه تسع طعنات ، واراد قطع رأسه ، فوقعت نائلة وأم البنين عليه فصحن وضربن الوجوه ، فقال ابن عديس اتركوه وأقبل عمير بن ضابئ البرجمي فوثب على عثمان ، فكسر ضلعاً من أضلاعه ، وقال له : سجنت أبي حتى مات في السجن .
وكان قتله يوم الجمعة لثماني عشرة ، أو سبع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة ، سنة خمس وثلاثين .
ذكره المدائني عن أبي معشر عن نافع ، وعن أبي عثمان النهدي ؛ إنه قتل وسط أيام التشريق .
وقال بن إسحاق : قتل عثمان على رأس إحدى عشرة سنة ، وأحد عشر شهراً ، واثنتين وعشرين يوماً من مقتل عمر بن الخطابن وعلى رأس خمس وعشرين سنة من متوفي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) .