كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 312 """"""
وقال الواقدي رحمه الله : قتل يوم الجمعه لثمان ليال خلت من ذي الحجة يوم الترويه .
وقد قيل : إنه قتل يوم الجمعة لليلتين بقيتا من ذي الحجة .
روى هذه الأقوال كلها أبو عمر بن عبد البر .
واختلف في مدة الحصار : فقال الواقدي : حاصروه تسعة وأربعين يوماً . وقال الزبير بن بكار : حاصروه شهرين وعشرين يوماً ؛ وقيل غير ذلك .
وقد تقدم أنه رضي الله عنه صلى بالناس بعد ان نزلوا به ثلاثين يوماً ، ثم منعوه الصلاة ، وصلى بالناس أميرهم الغافقي .
وقد قيل : إنه منع عثمان الصلاة جاء سعد القرظ وهو المؤذن إلى علي بن أبي طالب ، فقال : من يصلي بالناس ؟ فقام : خالد بن زيد ، وهو أبو أيوب الأنصاري ، فصلى أياماً ثم صلى بعد ذلك بالناس .
وقيل : بل أمر علي سهل بن حنيف فصلى بالناس من أول ذي الحجة إلى يوم العيد ، ثم صلى علي بالناس العيد ، وصلى بهم حتى قتل عثمان . والله أعلم .
حكى أبو عمر بن عبد البر في مقتل عثمان . قال : كان أول من دخل عليه محمد بن أبي بكر ، فأخذ بلحيته فقال : دعها يابن أخي ، فوالله لقد كان أبوك يكرمها ، فاستحيا وخرج ، ثم دخل عليه رومان بن سرحان ، رجل أزرق قصير مجدور ، عداده في مراد ، وهو من ذي أصبح ، معه خنجر ، فاستقبله به ، وقال : على أي دين أنت يا نعثل ؟ فقال : لست بنعثل ولكني عثمان بن عفان ، وأن على ملة إبراهيم حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين .
قال : كذبت ، وضربه على صدغه فقتله ، فخر ، فأدخلته امرأته نائلة بينها وبين ثيابها ، وكانت امرأة جسيمة . ودخل رجل من أهل مصر معه السيف مصلتا فقال : والله لأقطعن أنفك ، فعالج المرآة فكشفت عن ذراعيها ، وقبضت على السيف فقطع إبهامها ، فقالت لغلام لعثمان يقال له رباح ، ومعه سيف عثمانك أعني على هذا ، وأخرجه ، فضربه الغلام بالسيف فقتله .
قال : وأقام عثمان يومه ذلك مطروحاً إلى الليل ، فحمله رجال على باب ليدفنوه ، فعرض لهم ناس ليمنعوهم من دفنه ، فوجدوا قبر قد حفر لغيره فدفنوه فيه ، وصلى عليه جبير بن مطعم .

الصفحة 312