كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 316 """"""
فحلف رجال من أهل الشام ألا يطئوا النساء حتى يقتلوا قتلة عثمان ، أو تذهب ارواحهم ، وكان امرهم في القتال ما نذكره إن شاء الله تعالى .
وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة إلا اثني عشر يوماً ، قاله بن إسحاق . وقال غيره : إلا ثمانية أيام . وقيل : إلا ستة عشر يوماً .
روى عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ، أنها قالت ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : ادعوا لي بعض أصحابي ، فقلت : أبو بكر ؟ قال : لا ، فقلت : عثمان ؟ قال : نعم .
فلما جاء قال لي بيده فتنحيت ، فجعل رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يساره ولون عثمان متغير ، فلما كان يوم الدار وحصر قيل لهن الا تقاتل ؟ قال : لا ، إن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) عهد إلي عهداً ، وأنا صابر نفسي عليه .
وعن موسى بن طلحة ، قال : أتينا عائشة رضي الله عنها لنسألها عن عثمان فقالت : أجلسوا أحدثكم عما جئتم له : إنا عتبنا على عثمان رضي الله عنه في ثلاث خلال - ولم تذكرهن - فعمدوا إليه حتى إذا ماصوه كما يماص الثوب اقتحموا عليه الفقر الثلاثة : حرمة البيت الحرام ، والشهر الحرام ، وحرمة الخلافة ، ولقد قتلوه وإنه لمن أوصلهم للرحم وأتقاهم لربه .
وعن أبي جعفر الأنصاري قال : دخلت مع المصريين على عثمان ، فلما ضربوه خرجت اشتد ، حتى ملأت فروجي عدوا ، حتى دخلت المسجد ؛ فإذا رجل جالس في نحو عشرة ، فيه عمامة سوداء ، فقال : ويحك ؟ ماوراءك ؟ قال : قلت : قد والله فرغ من الرجل ، قال : تباً لكم آخر الدهر ؟ فنظرت ، فإذا هو علي رضي الله عنه .
وروى عن مبارك بن فضالة قال : سمعت الحسن يقول : سمعت عثمان يخطب يقول ياأيها الناس ، ما تنتقمون علي ، وما من يوم إلا وأنتم تقسمون فيه خيراً ؟ قال الحسن : وسمعت منادياً ينادي : ياأيها الناس ، اغدوا علي أعطياتكم ، فيغدون فيأخذونها وافرة ، حتى والله سمعته يقول : اغدوا على كسوتكم فيأخذون الحلل ، واغدوا على السمن والعسل . قال الحسن : أرزاق داره ، وخير كثير ، ما على الأرض مؤمن يخاف مؤمناً إلا يوده وينصره ، فلو صبر الأنصار على الأثرة لوسعهم ما كانوا فيه من العطاء والأرزاق ، ولكن لم يصبروا ، وسلوا السيف مع من سل ، فصار عن الكفار مغمداً ، وعلى المسلمين مسلولاً إلى يوم القيامة .

الصفحة 316