كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 32 """"""
فارس سوى الرّكبان ، واستغلظ أمره ، ودانت له سواحل من السواحل وعدن والجند ؛ ثم صنعاء إلى عمل الطائف إلى الأحسية وغيرها .
وعامله المسلمون بالبقيّة ، وعامله أهل الرّدة بالكفر ، والرجوع عن الإسلام ، وكان خليفته في مذحج عمرو بن عدي كرب ، وأسند أمر جنده إلى قيس بن عبد يغوث ، وأسند أمر الأنباء إلى فيروز وداذويه . فلمّا أثخت في الأرض استخفّّ بقيس وبفيروز وبداذويه .
وتزوج امرأة شهر ، وهي ابنة عم فيروز .
قال أبو عبيد بن صخر : فبينا نحن كذلك بحضرموت ، ولا نأمن أن يسير إلينا الِأسود ، أو أن يبعث إلنيا جيشا ، أو يخرج بحضرموت خارج يدّعى بمثل ما أدّعى به الاسود ، فنحن على ظهر ، فحدبوا لصهره علينا - وكان معاذ بها معجبا - فإن كان يقول فيما يدعو الله به : اللّهم ابعثني يوم القيامة مع السّكون ، ويقول أحياناً : اللّهم اغفر للّسكون ؛ إذ جاءتنا كتب النبي صلّى الله عليه وسلّم ، يأمرنا فيها أن نبعث الرجال لمجاولته ومصاولته ، وأن نبلغ كل من رجاء عنده شيئا من ذلك عن النبي صلّى الله عليه وسلّم . فقام معاذ في ذلك بالّذي أمره به ، فعرفنا القوّة ووثقنا بالنصر . وعو جشيش بن الدّيلمىّ ، قال : لما قدم علنيا وبر بن يحنس بكتاب النبي ( صلى الله عليه وسلم ) يأمرنا فيه بالقيام على ديننا ، والنهوض في الحرب ، والعمل في الأسود ، إمّا غيلةً ، وإما مصادمة ، وأن نبلغ عنه من رأينا أنّ عنده نجدة ودينا ، فعملنا في ذلك ، فرأينا أمرا كثيفا ، ورأيناه قد تغيّر لقيس بن عبد يغوث - وكان على جنده - فقلنا : يخاف على دمه فهو لأول دعوة ، فدعوناه وأنبأناه الشأن ، وأبلغناه عن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فكأنّما وقعنا عليه من السماء ، وكان في غمّ وضيق بأمره ، فأجانبا إلى ما أجبنا من ذلك ، وكاتبنا النّاس ، ودعوناهم . فأخبره الشيطان بشيء ، فأرسل إلى قيس وقال : يا قيس ، ما يقول هذا ؟ قال : وما يقول ؟ قال : يقول : عمّدت إلى قيس فأكرمته ؛ حتى إذا دخل منك كل مدخل ، وصار في العزّ مثلك ؛ مال ميل عدوك ، وحاول ملكك ، وأضمر على الغدر ، إنه يقول : يا أسود يا أسود يا سوءة ، يا سوءة اقطف قنته ، وخذ من قيس أعلاه ؛ وإلاّ سلبك ، أو قطف قنّتك .
فقال قيس وحلف به ؛ كذب وذي الخمار ؛ لأنت أعظم في نفسي ، وأرجي عندي من أن أحدث بك نفسي