كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 38 """"""
وأمر أمره في الأسود ومسيلمة وطلحة بالأخبار والكتب ، فدفعوا كتبهم إلى أبي بكر ، وأخبروه الخبر ؛ فقال لهم : لا تبرحوا حتى تجىء رسل أمرائكم وغيرهم بأدهى مما وصفتم ، وأمرّ بانتقاض الأمور ؛ فلم يلبثوا أن قدمت كتب أمراء النبي صلّى الله عليه وسلم الله عليه وسلم من كلّ مكان بانتقاض ، عامة أو خاصة ، وتبسّط من ارتدّ على المسلمين بأنواع الميل . فحاربهم أبو بكر رضى الله عنه بما كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يحاربهم ، حاربهم بالرسل ، فردّ رسلهم ، وأتبع الرسل رسلاً ، وانتظر بمصادمتهم قدوم أسامة بن زيد ، وطرقت المدينة صدقات نفر كانوا على الصّدقة ؛ وهم صفوان بن صفوان ، والزّبرقان بن بدر ، وعدىّ بن حاتم ؛ فازداد المسلمون قوّة ، ثم قدم أسامة بن زيد ، فاستخلفه أبو بكر على المدينة ومعه جنده ليستريحوا . ثم خرج بمن كان معه ، فناشده المسلمون ليقيم ، فأبى وقال : لأواسينّكم بنفسى ، فسار إلى حسىً وذي القصّّة حتى نزل بالأبرق ، فقاتل من به من المشركين فهزمهم ، وأخذ الحطيئة أسيراً ، وأقام بالأبرق أياماً ثم رجع إلى المدينة ، ولحق من انهزم من عبس وذبيان وطليحة . وروى عن هشام بن عروة عن أبيه أنّ أوّل من صادم أبو بكر رضى الله عنه بنى عبس وذبيان ، عاجلوه ، فقاتلهم قبل رجوع أسامة . ولما قدم أسامة استخلف على المدينة ، ومضى حتى انتهى إلى الرّبذة ، فتلقّى بنى عبس وذبيان وجماعةً من بنى عبد مناة بن كنانة ، فلقيهم بالأبرق ، فقاتهلم فهزمهم الله عز وجلّ وفلّهم ، ثم رجع إلى المدينة فعقد الألوية .
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب .