كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 40 """"""
وعقد لسويد بن مقرّن ؛ وأمره بتهامة اليمن .
وعقد للعلاء بن الحضرمىّ ، وأمره بالبحرين .
ففصلت الأمراء من ذي القصّة ، ولحق بكلّ أمير جنده ، وعهد إلى كل أمير منهم ، وكتب رضى الله عنه إلى سائر من ارتد نسخةً واحدةً ، وهي : بسم الله الرحمن الرحيم من أبي بكر خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى من بلغه كتابى هذا من عامّة أو خاصة ، أقام على إسلامه أو رجع عنه . سلام على من اتبع الهدى ، ولم يرجع بعد الهدى إلى الضّلالة والعمى ، فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلاّ هو ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمداً عبده ورسوله ، وأقرّ بما جاء به . أما بعد ؛ فإنّ الله أرسل محمداً بالحقّ من عنده إلى خلقه بشيراً ونذيراً ، ودّاعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً ؛ لينذر من كان حيّاً ، ويحقّ القول على الكافرين ، فهدى الله للحقّ من أجاب إليه وضرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بإذنه من أدبر عنه ؛ حتى صار الإسلام طوعاً وكرهاً ، ثم توفى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقد نفذ لأمر الله ، ونصح لأمّته ، وقضى الذي عليه . وكان الله قد بيّن له ذلك ولأهل الأسلام في الكتاب الذي أنزله ؛ فقال : " إنّك ميت وإنّهم ميّتون " ، وقال : " وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن متّ فهم الخالدون " ، وقال للمؤمنين : " وما محمد إلاّ رسول قد خلت من قبله الرّسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضرّ الله شيئاً وسيجزى الله الشّاكرين " فمن كان إنما يعبد محمداً ، صلّى الله عليه وسلّم ؛ فإنّ محمداً قد مات ، ومن كان إنّما يعبد الله وحده لا شريك له ، فإنّ الله له بالمرصاد ، حىّ قيّوم لا يموت ، ولا تأخذه سنة ولا نوم ، حافظ لأمره ، منتقم من عدوّه ، يجزيه . وإني أوصيكم بتقوى الله ، وحظّكم ونصيبكم من الله ، وما جاء به نبيكم ، وأن تهتدوا بهداه ، وحظّكم ونصيبكم من الله ، وأنّ كل من لم يهده الله ضالّ ، وكل من لم يعافه الله مبتلى ، وكل من لم يعنه الله مخذول .