كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 41 """"""
فمن هداه الله كان مهتدياً ، ومن أضلّه كان ضالاّ ، فإنّه قال : " من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليّا مرشداً " ولم يقبل منه في الدّينا عمل حتى يقرّبه ، ولم يقبل له في الآخرة صرف ولا عدل .
وقد بلغني رجوع من رجع منكم عن دينه بعد أنّ أقرّ بالإسلام ، وعمل به اغتراراً بالله وجهالةً بأمره ، وإجابه للشيطان . وقال الله جل ثناؤه : " وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاّ إبليس كان من الجنّ ففسق عن أمر ربّه ، أفتتّخذونه وذريّته أولياء من دونى وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلاً " .
وقال : " إنّ الشّيطان لكم عدوّ فاتّخذوه عدوّا إنّما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السّعير " .
وإنّي بعثت إليكم فلاناً في جيش من المهاجرين والأنصار والتّابعين لهم بإحسان ، وأمرته ألاّ يقاتل أحداً ولا يقتله حتى يدعوه إلى داعية الله ، فمن استجاب له وأقرّ وكفّ ، وعمل صالحاً قبل منه ، وأعانه عليه ، ومن أبى أمرت أن يقاتله على ذلك ، ثم لا يبقى على أحد منهم قدر عليه ، وأن يحرقهم بالنيران ويقتلهم كل قتله ، ويسبى النساء والذرارىّ ، ولا يقبل من أحد إلا الإسلام .
فمن اتّبعه فهو خير له ، ومن تركه فلن يعجز الله ، وقد أمرت رسولى أن يقرأ كتابي في كلّ مجمع لكم .
والدّاعية الأذان ؛ فإذا أذّن المسلمون فأذّنوا كفّوا عنهم ، وإن لم يؤذّنوا عاجلوهم ؛ وإن أذّنوا اسألوهم ما علّتهم ، فإن أبوا عاجلوهم ، وإن أقرّوا قبل منهم وحملهم على ما ينبغى لهم .
قال : فنفذت الرّسل بالكتب أمام الجنود ، وخرجت الأمراء ومعهم العهود .
بسم الله الرحمن الرحيم هذا عهد من أبي بكر خليفة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إلى فلان ؛ حين بعثه فيمن بعث لقتال من رجع عن الأسلام ؛ عهد إليه أن يتّقى الله ما استطاع في أمره كلّه ؛ سّره وعلانيته ، وأمره بالجدّ في الله ومجاهدة من تولّى عنه ، ورجع عن الإسلام ، فإن أجابوه أمسك عنهم ، وإن لم يجيبوه شنّ غارته عليهم حتى يقرّوا له ، ثم ينبئهم بالّذي عليهم والذي عليهم والذي لهم ، ويأخذ ما عليهم ويعطيهم الذي لهم ؛ لا ينظرهم ، ولا يردّ المسلمين عن قتال عدوّهم ، فمن أجاب إلى أمر الله وأقرّ له قبل ذلك منه ، وأعانه