كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 43 """"""
أمسى المسلمون من ذلك اليوم حتّى عرفوا النقصان ، وكثر جمع طليحة واستطار أمره ، وادّعى أنّ جبريل يأيته ، وسجع للناس الأكاذيب فكان مما أتى به قوله : " والحمام واليمام ، والصّوّام ، قد ضمن قبلكم بأعوام ، ليبلغنّ ملكنا العراق والشام " . وأمر طليحة الناس بترك السجود في الصّلاة ، وتبعه كثير من العرب ، وكان أكثر أتباعه أسد وغطفان وطيّىء ، ولما انهزمت عبس وذبيان التحقوا به ببزاخة ، وأرسل طليحة إلى جديلة والغوث - وهما حيّان من طيّىء - أن ينضموا إليه ، فتعجّل إليه أناس من الحيّين ، وأمروا قومهم باللّحاق بهم ، فقدموا على طليحة وكانوا معه . وبعث أبو بكر رضى الله عنه عدّى بن حاتم الطّائىّ قبل توجيهه خالد بن الوليد إلى قومه ، وقال : أدركهم لا يؤكلوا ؛ فخرج عدىّ إليهم ؛ ففتلهم في الذروة والغارب " ، وخرج خالد بن الوليد فى أثره ، وأمره أبو بكر رضى الله عنه أن يبدأ بطيّىء على الأكناف ؛ ثم يكون وجهه إلى البزاخة ثم يثلث بالبطاح ولا يبرح إذا فرغ من قوم حتى يأذن له ، وأظهر أبو بكر أنّه خارج إلى خبير ومنصب عليهم منها ، حتى يلاقيه بالأكناف ، أكناف سلمى .
قال ابن الكلبيّ : وإنّما قال ذلك أبو بكر مكيدةً حتى يبلغ ذلك عدوّة فيرعبهم ، وكان قد أوعب مع خالد الناس ، فخرج خالد ، فازوارّ عن البزاخة وجنح إلى أجأ ، وقدم عدىّ بن حاتم عليهم ؛ ودعاهم إلى الإسلام ؛ فأجابوه بعد امتناع ، وقالوا له : أخر عنّا الجيش حتى نستخرج من ألحق بالبزاخة منّا ، فإنّا إن خالفنا طليحة وهم في يديه قتلهم أو ارتهنهم ، فاستقبل عدىّ خالداً وهو بالسّنح ، فقال : ياخالد ، أمسك عنى ثلاثاً ؛ تجتمع لك خمسمائة مقاتل تضرب بهم عدوّك ؛ خير من أن تعجلهم إلى النّار . وتشاغل بهم ، ففعل وعاد إليهم وقد أرسلوا إلى إخوانهم ؛ فأتوهم من بزاخة كالمدد ، ففعل وعاد إليهم وقد أرسلوا إلى أخوانهم ؛ فأتوهم من بزاخة كالمدد ، ولولا ذلك لم يتركوا ، فعاد عدىّ بإسلامهم إلى خالد ، وارتحل

الصفحة 43