كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 47 """"""
وأمّا قيس بن عاصم فإنه قسّم ما وليه من الصّدقات في مقاعس والبطون ؛ وإنّما فعل ذلك مخالفةً للزبرقان . 0 . وأمّا الزبرقان فإنّه أتبع صفوان بالصّدقات التي أخذها ممّن كانت تليه ، وقدم بها إلى المدينة على أبي بكر وهو يقول ويعرّض بقيس بن عاصم :
وفيت بأذواد الرّسول وقد أبت . . . سعاة فلم يردد بعيراً مجيرها
ثم ندم قيس بن عاصم على ما كان منه ، فلما أظلّه العلاء بن الحضرمىّ تلقّاه بالصّدقة ، وخرج معه ؛ وقال في ذلك :
أبلغا عنّى قريشاً رسالة . . . إذا ما أتتها بيّنات الودائع
قال : وتشاغل الناس فى تلك الحال بعضهم ببعض ، ونشب الشّر ، فتشاغلت عوف والأنباء بالبطون والرباب بمقاعس ، وتشاغلت عمرو وخضّم بمالك وبهدى بيربوع ؛ فبينا الناس في بلاد تميم على ذلك قد شغل بعضهم بعضا ، فمسلمهم بإزاء من قدّم رجلاً وأخّر أخرى ، وتربّص وارتاب ؛ إذ فجئتهم سجاج ابنة الحارث ، قد أقبلت من الجزيرة ؛ وكانت ورهطها في بنى تغلب ، وعقّة بن هلال في النّمر ، وزياد بن فلان في إياد ، والسّليل بن قيس في بنى شيبان ، فأتاهم أمر دهىّ ؛ هو أعظم مما فيه الناس ؛ لهجومها عليهم ، ولما هم فيه من اختلاف الكلمة والتشاغل بما بينهم . وكانت سجاح ابنة الحارث ابن سويد بن عقفان هي وبنو أبيها بنو عقفان في بنى تغلب ، فاستجاب لها الهذيل ، وترك النّصرانية ، فراسلت مالك بن نويرة ودعته إلى الموادعة ، فأجابها وحملها على أحياء بنى تميم ، فقالت : نعم فشأنك بمن رأيت ، فإنما أنا امرأة من بنى يربوع ، فإن كان ملك فالملك ملككم . وأرسلت إلى بنى مالك وحنظلة تدعوهم إلى الموادعة . فخرج عطارد بن حاجب ، وسروات بنى مالك ، حتى نزلوا فى بني العنبر على سبرة بن عمرو هرّابا ، وخرج أشباههم من بنى يربوع حتى نزلوا على الحصين بن نيار