كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 49 """"""
وقيل : إنّ مسيلمة لما نزلت به سجاح أغلق الحصن دونها . فقالت له : إنزل . قال : فنحّى عنك أصحابك أصحابك ، ففعلت . فقال مسيلمة : اضربوا لها قبّة وجمّروها لعلها تذكر الباه ، ففعلوا ، فلمّا دخلت القّبّة نزل مسيلمة . فقال لأصحابه : ليقف ها هنا عشرة ، ثمّ دارسها . فقالت : ما أوحى إليك ؟ فقال : " ألم تر إلى رّبّك كيف فعلى بالحبلى ، أخرج منها نسمةً تسعى ، من بين صفاق وحشى " قالت : وماذا : أيضاً ؟ قال : أوحى إلى ّ " إنّ الله خلق النساء أفراجا ، وجعل الرجال لهن أزواجاً ، فنولج فيهنّ قعساً إيلاجاً ، ثم نخرجها إذا شئنا إخراجاً ، فينتجن لنا سخالاً إنتاجاً " . قالت : أشهد أنّك نبىّ . قال : هل لك أن أتزوّجك ، وأذلّ بقومى وقومك العرب ؟ قالت : نعم فقال :
الا قومى إلى الّنيك . . . فقد هيّى لك المضجع
فإن شئت ففي البيت . . . وإن شئت ففى المخدع
وإن شئت سلقناك . . . وإن شئت على أربع
وإن شئت بثلثيه . . . وإن شئت به أجمع
قالت : بل به أجمع . قال : بذلك أوحى إلىّ ، فأقامت عنده ثلاثة أيام ، انصرفت إلى قومها . فقالوا لها : ما عندك ؟ قالت : كان على حقّ ، فاتبعته فتزوّجته ، قالوا : هل أصدقك شيئا ؟ قالت : لا قالوا : فارجعى إليه ، فقبيح على مثلك أن ترجع بغير صداق ، فرجعت . فلما رآها مسيلمة أغلق الحصن وقال : مالك ؟ قالت : أصدقنى صداقا . قال : من مؤذّنك ؟ قالت : شبث بن ربعىّ . قال : علىّ به ، فأتاه . فقال : ناد في أصحابك : إن مسيلمة رسول الله قد وضع عنكم صلاتين مما أتاكم به محمّد : صلاة الفجر ، وصلاة العشاء الآخرة .
قال : وكان من أصحابها الزّبرقان بن بدر وعطارد بن حاجب ونظراوّهم . فقال : إنّ عامّة بنى تميم الرّمل لا يصلّونها ، فانصرفت سجاح ومعها أصحابها ، فقال عطارد بن حاجب :
أمست نبيّتنا أنثى نطيف بها . . . وأصبحت أنبياء الناس ذكرانا