كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)
"""""" صفحة رقم 52 """"""
وقد اختلف القوم فيهم ؛ فقال أبو قتادة : هذا عملك فزبره خالد فغضب ، ومضى حتى أتى أبا بكر ، فغضب عليه أبو بكر حتى كلمه عمر فيه ، فلم يرض إلا أن يرجع إلى خالد ، فرجع إليه حتى قدم معه المدينة .
وتزوج خالد أم تميم انبة المنهال ، وتركها لينقضى طهرها ، وكانت العرب تكره النساء في الحرب ، فقال عمر لأبي بكر : إن في سيف خالد رهقاً ، فإن لم يكن هذا حقاً حق عليه أن تقيده ، وأكثر عليه في ذلك ، وكان أبو بكر لا يقيد من عماله - فقال : هبه يا عمر تأول فأخطأ ، فارفع لسانك عن خالد . وودي مالكاً ، وكتب إلى خالد أن يقدم ففعل ، فأخبره خبره فعذره وقبل منه ، وعنفه في التزويج الذي كانت تعيب عليه العرب .
وقيل : إن عمر بن الخطاب ألح على أبي بكر في عزل خالد . وقال : إن في سيفه رهقاً . فقال : يا عمر ، لم أكن أشيم سيفاً سله الله على الكافرين .
وقيل : ولما أقبل خالد قافلاً دخل المسجد وعليه قباء ، عليه صدأ الحديد ، معتجراً بعمامة له ، قد غرز فيها أسهماً ، فقام إليه عمر فانتزع الأسهم من راسه فحطمها ، ثم قال : أقتلت أمرأ مسلماً ثم نزوت على امرأته والله لأرجمنك بأحجارك ، وخالد لا يكلمه ولا يظن إلا أن رأى بكر على مثل رأى عمر فيه ، حتى دخل على أبي بكر فأخبره الخبر ، فاعتذر إليه ، فعذره أبو بكر وتجاوز عنه ما كان في حربه تلك .
وخرج خالد حين رضى عنه أبو بكر وعمر جالس في المسجد ، فقال : هلم إلى يا بن أم شملة ؛ فعرف عمر أن أبا بكر قد رضى عنه فلم يكلمه ، ودخل بيته .
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب ، وإليه المرجع والمآب ، وهو حسبي ، ونعم الوكيل .
ذكر خبر مسيلمة الكذاب وقومه من أهل اليمامة
كان من خبر مسيلمة أنه لما قدم وفد بني حنيفة إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؛ كما قدمناه في السيرة النبوية في أخبار الوفود ، وكان مسيلمة في رحالهم ، فلما أجازهم رسول لله ( صلى الله عليه وسلم ) . قالوا : يا رسول الله ، خلفنا صاحباً لنا في رحالنا يبصرها لنا ، في