كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 19)

"""""" صفحة رقم 6 """"""
وقد تقدم من ذلك جملة في أثناء السيرة النبوية فنشير الآن إليها ، ونذكر ما سواها ممّا تقف عليه إن شاء الله تعالى .
فمن فضائله التي تقدم ذكرها سابقته في الإسلام ، وأنّه رضوان الله عليه أول من أسلم من الذكور ، وأول من صلّى مع رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) .
روى أبو عمر بن عبد البرّ بسنده إلى الشعبي ، قال : سألت ابن عباس - أو سئل ابن عباس رضى الله عنهما : أي الناس كان أوّل إسلاما ؟ فقال : أما سمعت قول حسان بن ثابت .
إذا تذكّرت شجواً من أخي ثقة . . . فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
خير البرية ، أتقاها وأعدلها . . . بعد النبىّ ، وأوفاها بما حملا
الثاني التالي المحمود مشهده . . . وأوّل الناس حقّا صدّق الرسلا ويروى أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، قال لحسان بن ثابت : هل قلت في أبى بكر شيئا ؟ قال : نعم ؛ وأنشده هذه الأبيات ، وفيها بيت رابع ، وهو :
وثاني اثنين في الغار المنيف وقد . . . طاف العدوّ به إذ صعّدوا الجبلا
فسرّر رسول الله عليه وسلم ، وقال : " أحسنت يا حسان " .
وروى أنّ فيها بيتا خامسا ، وهو :
وكان حبّ رسول الله إذ علموا . . . خير البرية لم يعدل به رجلا
ومما يؤيد أنه رضوان الله عليه أول من أسلم ما رواه الجريرىّ ، عن أبى نضرة ، قال : قال : أبو بكر لعلىّ رضى الله عنهما : أنا أسملت قبلك . . . ، في حديث ذكره ، فلم ينكر عليه .
ومن ذلك أنه رضى الله فدى رسول الله صلى عليه وسلم بنفسه . روى عن أسماء بنت أبى بكر الصديق رضى الله عنهما : أنها قالت ، وقد قيل لها : ما أشدّ ما رأيت المشركين بلغوا من رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ؟ فقالت : كان المشركون قعودا فى المسجد الحرام ، فتذكروا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، وما يقول فى آلهتهم ، فبينما هم كذلك إذ دخل رسول الله عليه وسلم ، فقاموا إليه ، وكانوا إذا سألوه عن شىء صدقهم ،

الصفحة 6