كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)
"""""" صفحة رقم 101 """"""
" هاتوها ، وأما لا آخذها رغبةً في الدنيا ، ولا أدعها فرقاً من الموت " فبايعوه لعشر خلون من شوال سنة سبع وثلاثين ، وكان يقال : له ذو الثفنات .
ثم اجتمعوا في منزل شريح بن أوفي العبسي ، فقال ابن وهب : اشخصوا بنا إلى بلدة نجتمع فيها لإنفاذ حكم الله فإنكم أهل الحق . قال شريح : " نخرج إلى المدائن ، فننزلها ، ونأخذ بأبوابها ، ونخرج منها سكانها ، ونبعث إلى إخواننا من أهل البصرة فيقدمون علينا " . فقال زيد بن حصن : " إنكم إن خرجتم مجتمعين تتبعتم ، ولكن اخرجوا واحدنا مستخفين ، فأما المدائن فإن بها من يمنعكم ، ولكن سيروا حتى تنزلوا من جسر النهروان ، وتكاتبوا إخوانكم من أهل البصرة " . قالوا : هذا الرأي .
وكتب عبد الله بن وهب إلى من بالبصرة منهم يعلمهم ما اجتمعوا عليه ، ويحثهم على اللحاق بهم ، وسير الكتاب إليهم ، فأجابوا . قال : ولما غزم من بالكوفة من الخوارج على الخروج ، تعبدوا ليلتهم - وكانت ليلة الجمعة - ويوم الجمعة ، وساروا يوم السبت ، فخرج شريح بن أوفي العبسي وهو يتلو قول الله تعالى : " فخرج منها خائفاً يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين ، ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني إلى سواء السبيل " .
قال : وخرج معهم طرفة بن عدي بن حاتم الطائي ، فأتبعه أبوه ليرده فلم يقدر عليه ، فانتهى إلى المدائن ثم رجع .
وأرسل عدي إلى سعد بن مسعود عامل علي على المدائن يحذره أمرهم ، فحذر ، وأخذ أبواب المدائن ، وخرج في الخيل ، واستخلف بها أخيه المختار بن أبي عبيد ، وسار في طلبهم فأخبر عبد الله ابن وهب خبره ، فترك طريقه وسار على بغداد ، ولحقهم سعد بن مسعود بالكرج في خمسمائة فارس عند المساء ، فانصرف إليهم عبد الله في ثلاثين فارساً ، فاقتتلوا ساعة وامتنع القوم منهم ، وقال أصحاب سعد لسعد . " ما تريد من قتال هؤلاء ولم يأتك فيهم أمر ، خلهم فليذهبوا ، واكتب إلى أمير المؤمنين ، فإن أمرك باتباعهم فاتبعهم ، وإن كفاكهم غيرك كان في ذلك عافية لك " فأبى عليهم ، فلما جن عليهم الليل عبر عبد الله بن وهب دجلة إلى أرض جوخى ، وسار إلى النهروان ، فوصل إلى أصحابه وقد أيسوا منه .