كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 102 """"""
وسار جماعة من أهل الكوفة يريدون الخوارج ليكونوا معهم ، فردهم أهلوهم كرهاً ، منهم القعقعاع بن قيس الطائي عم الطرماح ابن حكيم ، وعبد الله بن حكيم بن عبد الرحمن البكائي .
قال : ولما خرجت الخوارج من الكوفة أتى علياً أصحابه وشيعته فبايعوه ، وقالوا : نحن أولياء من واليت وأعداء من عاديت . فشرط لهم فيه سنة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) .
وأما خوارج البصرة فإنهم اجتمعوا في خمسمائة رجل ، وجعلوا عليهم مسعر بن فدكي التميمي ، فعلم بهم ابن عباس ، فأتبعهم أبا الأسود الدؤلي ، فلحق بهم بالجسر الأكبر ، فتواقفوا حتى حجز بينهم الليل ، وأدلج مسعر بأصحابه ، وسار حتى لحق بعبد الله بن وهب .
قال : ولما خرجت الخوارج وهرب أبو موسى الأشعري إلى مكة ، ورد علي ابن عباس رضي الله عنهما إلى البصرة ، قام علي بالكوفة خطيباً فقال : " الحمد لله وإن أتى الدهر بالخطب الفادح والحدثان الجليل ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، أما بعد ، فإن المعصية تورث الحسرة ، وتعقب الندم ، وقد كنت أمرتكم في هذين الرجلين وفي هذه الحكومة أمري ، ونحلتكم رأيي ، لو كان لقصير أمر ، ولكن أبيتم إلا ما أردتم ، فكنت أنا وأنتم كما قال أخو هوازان :
أمرتهمو أمري بمنعرج اللّوى . . . فلم يستبينوا الرّشيد إلا ضحى الغد
ألا إن هذين الرجلين الذين اخترتموهما حكمين ، قد نبذا حكم القرآن وراء ظهورهما ، وأحييا ما أمات القرآن ، واتبع كل واحد منهما هواه بغير هدىً من الله ، فحكما بغير حجةٍ بينة ولا سنة ماضية ، واختلفا في حكمهما وكلاهما لم يرشد ، فبرئ الله منهما ورسوله وصالح المؤمنين ، استعدوا وتأهبوا للمسير إلى الشام ، وأصبحوا في معسكركم إن شاء الله يوم الإثنين " . ثم نزل .
وكتب إلى الخوارج بالنهروان : " بسم الله الرحمن الرحيم ، من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى زيد بن حصنٍ وعبد الله بن وهب ومن معهما من الناس ، أما بعد فإن الرجلين الذين ارتضينا حكمين قد خالفا كتاب الله تعالى ، واتبعا أهواءهما بغير

الصفحة 102