كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 20)

"""""" صفحة رقم 104 """"""
فجمع علي رضي الله عنه رؤوس أهل الكوفة ورؤوس الأسباع ووجوه الناس ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " يا أهل الكوفة ، أنتم إخواني وأنصاري وأعواني على الحق ، وأصحابي إلى جهاد المخلين ، بكم أضرب المدبر ، وأرجو تمام طاعة المقبل ، وقد استنفرت أهل البصرة ، فأتاني منهم ثلاثة آلاف ومائتان ، فليكتب لي رئيس كل قبيلة ما في عشيرته من المقاتلة وأبناء المقاتلة الذين أدركوا القتال ، وعبدان عشيرته ومواليهم ، ويرفع ذلك إلينا .
فقام إليه سعيد بن قيس الهمداني فقال : يا أمير المؤمنين ، سمعاً وطاعة ، أنا أول الناس أجاوب بما طلبت . وقام معقل بن قيس ، وعدي بن حاتم ، وزياد بن خفصة ، وحجر بن عدي ، وأشراف الناس والقبائل ، فقالوا مثل ذلك ، وكتبوا له ما طلب ، وأمروا أبناءهم وعبيدهم ومواليهم أن يخرجوا معهم ، فرفعوا له أربعين ألف مقاتل وسبعة عشر ألفاً من الأبناء ممن أدرك ، وثمانية آلاف من مواليهم وعبيدهم ، فكان جميع أهل الكوفة خمسة وستين ألفاً ، سوى أهل البصرة وهم ثلاثة آلاف ومائتا رجل .
وكتب إلى سعد بن مسعود بالمدائن يأمره بإرسال من عنده من المقاتلة ، وبلغ علياً رضي الله عنه أن الناس يقولون : " لو سار بنا إلى قتال هذه الحرورية فإذا فرغنا منهم توجهنا إلى قتال المخلين " . فقال لهم : " بلغني أنكم قلتم كيت وكيت وإن غير هؤلاء الخارجين أهم إلينا ، فدعوا ذكرهم ، وسيروا إلى قوم يقاتلونكم ، كيما يكونوا جبارين ملوكاً ، ويتخذوا عباد الله خولاً " . .
فناداه الناس أن سر بنا يا أمير المؤمنين حيث أحببت . وقام إليه صيفي بن نشيل الشيباني فقال : " يا أمير المؤمنين ، نحن حزبك وأنصارك ، نعادي من عاداك ، ونشايع من أناب إلى طاعتك ، فسر بنا إلى عدوك من كانوا وأينما كانوا ، فإنك إن شاء الله لن تؤتى من قلة عدد ، ولا ضعف نية أتباع " .
وقام إليه محرز بن شهاب التميمي فقال : " يا أمير المؤمنين ، إن قلب شيعتك كقلب رجل واحد في الاجتماع على نصرتك ، والجد في جهاد عدوك ، فأبشر بالنصر ، وسر بنا إلى أي الفريقين أحببت ، فإنا شيعتك الذين نرجو في طاعتك وجهاد من خالفك صالح الثواب ، ونخاف في خذلانك والتخلف عنك شدة الوبال " . .

الصفحة 104